الرئيسية - التفاسير


* تفسير لطائف الإشارات / القشيري (ت 465 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلْمَالُ وَٱلْبَنُونَ زِينَةُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَٱلْبَاقِيَاتُ ٱلصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً }

قوله جلّ ذكره: { ٱلْمَالُ وَٱلْبَنُونَ زِينَةُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا }.

مَنْ اعتضد بعتاده، واغترَّ بأولاده، ونَسِيَ مولاه في أوان غَفَلاَتِهِ.. خَسِرَ في حاله، ونَدِمّ على ما فاته في مآله.

ويقال زينةُ أهل الغفلة في الدنيا بالمال والبنين، وزينة أهل الوصلة بالأعمال واليقين.. فهؤلاء رُتَبُهم لظواهرهم... وهؤلاء زينتهم لعبوديته، وأفتخارهم بمعرفة ربوبيته.

ويقال ما كان للنَّفْس فيه حُظُّ فهو من زينة الحياة الدنيا، ويدخل في ذلك الجاهُ وقبول المدح، وكذلك تدخل فيه جميع المألوفات والمعهودات على اختلافها وتفاوتها.

ويقال ما كان للإنسان فيه شِرْبٌ ونصيبٌ فهو معلول: إن شئت في عاجله وإن شئت في آجله.

قوله جلّ ذكره: { وَٱلْبَاقِيَاتُ ٱلصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً }.

وهي الأعمال التي بشواهد الإخلاص والصدق.

ويقال: { وَٱلْبَاقِيَاتُ ٱلصَّالِحَاتُ }: ما كان خالصاً لله تعالى غيرَ مُشوب بطمعٍ، ولا مصحوبٍ بِغَرَضٍ.

ويقال: { وَٱلْبَاقِيَاتُ ٱلصَّالِحَاتُ }: ما يلوح في السرائر من تحلية العبد بالنعوت، ويفوح نَشْرُه في سماءِ الملكوت.

ويقال هي التي سبقت من الغيب لهم بالقربة وشريف الزلفة.

ويقال هي ضياءُ شموسِ التوحيد المستكِنِّ في السرائر مما لا يتعرَّضُ لكسوف الحجبة.