قوله جلّ ذكره: { قُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَآ إِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ }. أَخْبِرْ أَنَّكَ لهم من حيث الصورة والجنسية مُشاكِلٌ، والفَرْقُ بينكَ وبينهم تخصيصُ الله - سبحانه - إياكَ بالرسالة، وتَرْكِه إياهم في الجهالة. ويقال: قل اختصاصي بما لي من (الاصطفاء)، وإن كنا - أنا وأنتم - في الصورة أكفاء. قوله جلّ ذكره: { فَمَن كَانَ يَرْجُواْ لِقَآءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدَاً }. حَمْلُ الرجاءِ في هذه الآية على خوف العقوبة ورجاء المثوبة حَسَنٌ، ولكنَّ تَرْكَ هذا على ظاهره أَوْلَى؛ فالمؤمنون قاطبةً يرجون لقاءَ الله. والعارف بالله - سبحانه - يرجو لقاءَ الله والنظرَ إليه. والعمل الصالح الذي بوجوده يصل إلى لقائه هو صَبْرُه على لواعجِ اشتياقه، وأَنْ يُخْلِصَ في عمله. { وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدَاً }: أي لا يُلاحِظُ عَمَلَه، ولا يستكثر طاعته، ويتبرأ من حَوْلِه وقُوَّتِه. ويقال العمل الصالح هنا اعتقاد وجود الصراط ورؤيته وانتظار وقته.