قوله جلّ ذكره: { عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ }. كلمةُ { عَسَىٰ } فيها ترجية وإطماع، فهو - سبحانه - وقفهم على حد الرجاء والأمل، والخوف والوجل. وقوله { عَسَىٰ }: ليس فيه تصريح بغفرانهم، ورحمتهم، وإنما فيه للرجاء موجِبٌ قويٌّ؛ فبلطفه وعد أن يرحمكم. قوله جلّ ذكره: { وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيراً }. أي إنْ عُدْتُم إلى الزَّلَّة عُدْنا إلى العقوبة، وإن استقمتم في التوبة عدنا إلى إدامة الفضل عليكم والمثوبة. ويقال إن عُدْتُم إِلَى نَقْضِ العَهْد عُدنا إلى تشديد العذاب. ويقال: إن عُدْتُم للاستجارة عدنا للإجارة. ويقال إن عُدتُم إلى الصفاء عدنا إلى الوفاء. ويقال إن عُدْتُمْ إلى ما يليق بكم عُدْنا إلى ما يليق بكرمنا. { وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيراً } لأنهم (...) وهم ناس كثير فهذه جهنم ومن يسكنها من الكافرين. و { حَصِيراً } أي محبساً ومصيراً. فالمؤمنُ - وإنْ كان صاحبَ ذنوب وإنْ كانت كبيرة - فإنَّ مَنْ خرج من دنياه على إيمانه فلا محالةَ يصل يوماً إلى غفرانه.