الرئيسية - التفاسير


* تفسير لطائف الإشارات / القشيري (ت 465 هـ) مصنف و مدقق


{ عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيراً }

قوله جلّ ذكره: { عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ }.

كلمةُ { عَسَىٰ } فيها ترجية وإطماع، فهو - سبحانه - وقفهم على حد الرجاء والأمل، والخوف والوجل.

وقوله { عَسَىٰ }: ليس فيه تصريح بغفرانهم، ورحمتهم، وإنما فيه للرجاء موجِبٌ قويٌّ؛ فبلطفه وعد أن يرحمكم.

قوله جلّ ذكره: { وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيراً }.

أي إنْ عُدْتُم إلى الزَّلَّة عُدْنا إلى العقوبة، وإن استقمتم في التوبة عدنا إلى إدامة الفضل عليكم والمثوبة.

ويقال إن عُدْتُم إِلَى نَقْضِ العَهْد عُدنا إلى تشديد العذاب.

ويقال: إن عُدْتُم للاستجارة عدنا للإجارة.

ويقال إن عُدتُم إلى الصفاء عدنا إلى الوفاء.

ويقال إن عُدْتُمْ إلى ما يليق بكم عُدْنا إلى ما يليق بكرمنا.

{ وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيراً } لأنهم (...) وهم ناس كثير فهذه جهنم ومن يسكنها من الكافرين.

و { حَصِيراً } أي محبساً ومصيراً. فالمؤمنُ - وإنْ كان صاحبَ ذنوب وإنْ كانت كبيرة - فإنَّ مَنْ خرج من دنياه على إيمانه فلا محالةَ يصل يوماً إلى غفرانه.