قوله جلّ ذكره: { رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِن يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِن يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً }. سَدَّ على كلِّ أحدٍ طريقَ معرفته بنفسه ليتعلَّق كُلُّ قلبه بربه. وجَعَلَ العواقبَ على أربابها مشتبهةً، فقال { رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ }. ثم قدَّمَ حديثَ الرحمةِ على حديثِ العذاب، فقال: { إِن يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِن يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ } وفي ذلك تَرَجِّ للأمل أَنْ يَقْوى. ويوصف العبدُ بالعلم ويوصف الربُّ بالعلم، ولكن العبدَ يعلم ظاهرَ حاله، وعِلْمُ الرب يكون بحاله وبمآله, ولهذا فالواجب على العبد أن يقول: أنا مؤمن إن شاء الله تعالى, وهذا معنى: { إِن يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِن يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ } بعد قوله: { أَعْلَمُ بِكُمْ }. قوله جلّ ذكره: { وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ ٱلنَّبِيِّينَ عَلَىٰ بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً }. فَضَّل بعضَ الأنبياءِ على بعضِ في النبوةِ والدرجة، وفي الرسالة واللطائف والخصائص. وجعل نبيَّنا - صلى الله عليه وسلم - أَفضلهم؛ فهم كالنجوم وهو بينهم بَدْرٌ، وهم كالبدور وهو بينهم شمس، وهم شموسٌ وهو شمسُ الشموس.