الرئيسية - التفاسير


* تفسير لطائف الإشارات / القشيري (ت 465 هـ) مصنف و مدقق


{ فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ } * { فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ } * { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ } * { وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُّقِيمٍ } * { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ }

باتوا في حبور وسرور، وأصبحوا في محنة وثبور، وخرَّت عليهم سقوفُهم، وجعلنا مُدَتَهم ومنازِلهم عاليَها سافِلَها، وأمطرنا عليهم من العقوبة ما لم يُبْقِ عيناً ولا أَثَراً، إنَّ في ذلك لَعِبْرة لمن اعتبر، ودلالةً ظاهرة لمن استبصر، { وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُّقِيمٍ } لِمَنْ شاءَ أن يَعْتَبِرْ.

قوله جلّ ذكره: { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ }.

جاء في التفسير " المتفرسين " ، والفراسةُ خاطرٌ يحصل من غير أن يعارضه ما يخالفه عند ظهورِ برهانٍ عليه، فيخرج من القلب عين ما يقع لصاحب الفراسة. مشتق من فريسة الأسد إذ لفريسته يقهر. والحق - سبحانه - يُطْلِعُ أولياءه على ما خفي على غيرهم. وصاحب الفراسة لا يكون بشرط التفرس في جميع الأشياء وفي جميع الأوقات؛ بل يجوز أن تُسَدَّ عليه عيونُ الفراسة في بعض الأوقات كالأنبياء عليهم السلام؛ فَنِبِيُّنا - صلى الله عليه وسلم - كان يقول لعائشة - رضي الله عنها - في زمان الإفك: " إنْ كُنْتِ فعلتِ فتوبى إلى الله " وكإبراهيم ولوط - عليهما السلام - لم يعرفا الرسل.