الرئيسية - التفاسير


* تفسير لطائف الإشارات / القشيري (ت 465 هـ) مصنف و مدقق


{ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَٰناً عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَـٰبِلِينَ }

قوله جلّ ذكره: { وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ }.

أَمَرَ الخليلَ عليه السلام ببناء الكعبة وتطهيرها فقال:وَطَهِّرْ بَيْتِيَ } [الحج: 26]، وأَمَرَ جبريلَ عليه السلام حتى غَسَلَ قلبَ المصطفى - صلى الله عليه وسلم - فَطَهَّرَهِ. وتولّى هو - سبحانه - بنفسه تطهيرَ قلوب العاصين، فقال: { وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ } [الحجر: 47] وذلك رفقاً بهم، فقد يصنع الله بالضعيف ما يتعجَّبُ منه القوي، ولو وكل تطهير قلوبهم إلى الملائكة لاشتهرت عيوبُهم، فتولَّى ذلك بنفسه رفقاً بهم.

ويقال قال: { مَا فِي صُدُورِهِم } ولم يقل ما في قلوبهم لأن القلوب في قبضته يقلبها، وفي الخبر: " قلب المؤمن بين إصبعين من أصابع الرحمن " يريد بذلك قدرته، فاستعمل لفظ الإصبع لذلك توسعاً. وقيل بين إصبعين أي نعمتين.

قوله جلّ ذكره: { إِخْوَٰناً عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَـٰبِلِينَ }.

قابل بعضُهم بعضاً بالوجه، وحفظ كلُّ واحدٍ عن صاحبه سِرَّه وقلبَه، فالنفوس متقابلة ولكنَّ القلوبَ غيرُ متقابلة؛ إذ لا يشتغل بعضهم ببعض، قال تعالى:وَاعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ ٱلْمَرْءِ وَقَلْبِهِ } [الأنفال: 24].