الرئيسية - التفاسير


* تفسير لطائف الإشارات / القشيري (ت 465 هـ) مصنف و مدقق


{ قُل لِّعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ يُقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ وَيُنْفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خِلاَلٌ }

جعل الله راحةَ العبدِ - اليومَ - بكمالها في الصلاة؛ فإنَّها محلُّ المناجاة، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: " أَرِحْنا يا بلال بالصلاة " والصلاة استفتاح باب الرزق، قال تعالى:وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِٱلصَّلاَةِ وَٱصْطَبِرْ عَلَيْهَا لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقاً } [طه: 132].

وفي الصلاة يبث العبد أسرارَه مع الحق؛ فإذا كان لقاءُ الإخوان - كما قالوا - مَسْلاَةً لهم كيف بمناجاتك مع الله، ونشر قصتك بين يديه؟ كما قيل:
قُلْ لي بألسنة التَنَفُّسِ   كيف أنت وكيف حالك؟
{ وَيُنْفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ }: أمرهم بإنفاق اللسان على ذكره، وإنفاق البَدَنِ على طاعته، والوقتَ على شكره، والقلبَ على عرفانه، والروح على حبه، والسِّرَّ على مشاهدته.. ولا يكلِّف الله نَفْسَاً إلا ما آتاها، وإنما يطالبك بأن تحضر إلى الباب، وتقف على البساط بالشاهد الذي آتاك.. يقول العبد المسكين: لو كان لي نَفْسٌ أطوع من هذه لأَتَيْتُ بها، ولو كان لي قلبٌ أشذُّ وفاءً من هذا لَجُدْتُ به، وكذلك بروحي وسِرِّي، وقيل:
يفديك بالروح صَبٌّ لو أنَّ له   أعز من روحه شيئاً فداك به
{ مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خِلاَلٌ }: وفي هذا المعنى أنشدوا:
قلتُ للنَّفس إنْ أردتِ رجوعاً   فارجعي قبل أن يُسدَّ الطريق