الرئيسية - التفاسير


* تفسير لطائف الإشارات / القشيري (ت 465 هـ) مصنف و مدقق


{ وَكَذٰلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ ٱلأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَىٰ ءَالِ يَعْقُوبَ كَمَآ أَتَمَّهَآ عَلَىٰ أَبَوَيْكَ مِن قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }

قوله جلّ ذكره: { وَكَذٰلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ ٱلأَحَادِيثِ }.

أي كما أمرك بهذه الرؤيا التي أَرَاكَها يجتبيك ويُحْسِنُ إليك بتحقيق هذه الرؤيا، وكما أكرمك بوعد النعمة أكرمك بتحقيقها.

ويقال الاجتباء ما ليس للمخلوق فيه أثر، فما يحصل للعبد من الخيرات - لا بتكلفه ولا بتعمده - فهو قضية الاجتباء.

ويقال من الاجتباء المذكور أَنْ عَصَمَه عن ارتكاب ما راودته امرأة العزيز عن نفسه.

ويقال من قضية الاجتباء إسباله الستر على فعل إخوته حيث قال:وَقَدْ أَحْسَنَ بَيۤ إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ ٱلسِّجْنِ } [يوسف: 100]، ولم يذكر خلاصَه من البئر ومن قضية الاجتباء توفيقه لسرعة العفو عن إخوته حيث قال:لاَ تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ ٱلْيَوْمَ } [يوسف: 92].

قوله جلّ ذكره: { وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ ٱلأَحَادِيثِ }.

أي لتعرِفَ قَدْرَ كلِّ أحد، وتقفَ على مقدار كلِّ قائلٍ بما تسمع من حديثه.. لا مِنْ قوله بل لِحدَّةِ كياستك وفَرْطِ فراستك.

قوله جلّ ذكره: { وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَىٰ ءَالِ يَعْقُوبَ كَمَآ أَتَمَّهَآ عَلَىٰ أَبَوَيْكَ مِن قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }.

مِنْ إتمامِ النعمة توفيقُ الشكر على النعمة، ومن إتمام النعمة صَوْنُها عن السَّلبِ والتغيير، ومن إتمام النعمة التَّحرز منها حتى تَسْهُلَ عليكَ السماحةُ بها.