الرئيسية - التفاسير


* تفسير لطائف الإشارات / القشيري (ت 465 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلاۤ أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ ٱلسُّوۤءَ وَٱلْفَحْشَآءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا ٱلْمُخْلَصِينَ }

ما ليس بفعل الإنسان مما يعتريه - بغير اختياره ولا بِكَسْبِه - كان مرفوعاً لأنه لا يدخل تحت التكليف، فلم يكن " الهمُّ " منه ولا منها زَلَّةً، وإنما الزّلَّةُ من المرأة كانت من حيث عَزَمَتْ على ما هَمَّتْ، فأمّا نفسُ الهمّ فليس مما يَكْسِبُه العبد.

ويقال اشتركا في الهمِّ وأُفْرِد - يوسف عليه السلام - بإشهاده البرهان.

وفي تعيين ذلك البرهان - ما الذي كان؟ - تكلُّفٌ غيرُ محمودٍ إذ لا سبيل إليه إلا بالخَبَرِ المقطوع به.

وفي الجملة كان البرهانُ تعريفاً من الحقِّ إياه بآية من آيات صُنْعِه، قال تعالى:سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي ٱلآفَاقِ وَفِيۤ أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ ٱلْحَقُّ } [فصلت: 53].

وقوله: { كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ ٱلسُّوۤءَ وَٱلْفَحْشَآءَ } صَرَفَ عنه السُّوءَ حتى لم يوجَد منه العزمُ على ذلك الفعل - وإنْ كان منه همٌّ - إلا أن ذلك لم يكن جُرْماً كما ذكرنا.

والصَّرْفُ عن الطريق بعد حصول الهمِّ - كشفٌ، والسوءُ المصروفُ عنه هو العزمُ على الزنا والفحشاء أو نفْسُ الزنا، وقد صرفهما الله تعالى عنه.

قوله: { إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا ٱلْمُخْلَصِينَ }: لم تكن نجاتُه في خلاصه، ولكن في صرفِ السوء عنه واستخلاصه.