الرئيسية - التفاسير


* تفسير لطائف الإشارات / القشيري (ت 465 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنّاً إِنَّ ٱلظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ ٱلْحَقِّ شَيْئاً إِنَّ ٱللَّهَ عَلَيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ }

الظَّنُّ يُنافي اليقين، فإنه ترجيح أحد طَرَفَيْ الحكم على الآخر من غير قَطْعٍ.

وأربابُ الحقائق على بصيرة وقطع؛ فالظنُّ في أوصاف الحقِّ معلولٌ، والقطع - في أوصاف النَّفُس - لكل أحدٍ معلول. والعَبْدُ يجب أن يكون في الحال خالياً عن الظن إذّ لا يَعْرفُ أحدٌ غيْبَ نَفْسِه في مآلِه.

وفي صفة الحقِّ يجب أن يكونَ العبدُ على قطعٍ وبصيرة؛ فالظنُّ في الله معلول، والظن فيما مِنَ الله غير محمود. ولا يجوز بوجهٍ من الوجوه أن يكون أهلُ المعرفةِ به سبحانه - فيما يعود إلى صفته - على الظن، كيف وقد قال الله تعالى فيما أمر نبيِّه - عليه السلام - أَنْ يقول:أَدْعُو إِلَىٰ ٱللَّهِ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِي } [يوسف: 108]؟ وكما قلنا:
طَلَعَ الصباحُ فلات حين سراج   وأتى اليقين فلات حين حجاج
حصل الذي كُنَّا نؤمِّل نَيْلَه   من عَقْد ألويةٍ وحلِّ رتاج
والبعد قَوْضَ بالدِّنو خيامه   والوصلُ وَكَّدَ سَجْلَه بِعاج
قَدْ حَانَ عَهْدٌ للسرور فحيهلا   لهواجم الأحزان بالإزعاج