الرئيسية - التفاسير


* تفسير لطائف الإشارات / القشيري (ت 465 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ رَبَّكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ يُدَبِّرُ ٱلأَمْرَ مَا مِن شَفِيعٍ إِلاَّ مِن بَعْدِ إِذْنِهِ ذٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمْ فَٱعْبُدُوهُ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ }

لا يحتاج فِعْله إلى مُدّةٍ، وكيف ذلك ومن جملة أفعاله الزمان والمدة؟ فَخَلَقَ السماوات والأرضَ في ستة أيام، وتلك الأيام أيضاً من جملة ما خَلَق الله سبحانه وتعالى.

{ ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ } أي تَوَحَّدَ بجلال الكبرياء بوصف الملكوت. وملوكنا إذا أرادوا التجلّي والظهورَ للحَشَم والرعية برزوا لهم على سرير مُلْكِهم في ألوان مشاهدهم. فأخبر الحقُّ - سبحانَه - بما يَقْرُب من فَهْم الخلْقِ ما ألقى إليهم من هذه الجملة: استوى على العرش، ومعناه اتصافه بعز الصمدية وجلال الأحدية، وانفراده بنعت الجبروت وعلاء الربوبية، تقدَّس الجبَّارُ عن الأقطار، والمعبودُ عن الحدود.

{ يُدَبِّرُ ٱلأَمْرَ }: أي الحادثاتُ صادرةٌ عن تقديره، وحاصلةٌ بتدبيره، فلا شريكَ يعضده، وما قضى فلا أحد يردُّه. { مَا مِن شَفِيعٍ إِلاَّ مِن بَعْدِ إِذْنِهِ }: هو الذي يُنْطِقُ مَنْ يخاطبه، وهو الذي يخلق ما يشاء على من يشاء إذا التمس يُطالِبهُ.

{ ذٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمْ }: تعريف وقوله: { فَٱعْبُدُوهُ }: تكليف؛ فحصولُ التعريف بتحقيقه، والوصولُ إلى ما وَرَدَ به التكليف بتوفيقه.