الرئيسية - التفاسير


* تفسير لطائف الإشارات / القشيري (ت 465 هـ) مصنف و مدقق


{ لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ ٱلْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }

قوله جلّ ذكره: { لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ ٱلْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ }

{ أَحْسَنُواْ }: أي عَمِلُوا وأحسنوا إذ كانت أفعالُهم على مقتضى الإذن.

ويقال: " أحسنوا ": لم يُقَصِّروا في الواجبات، ولم يُخِلُّوا بالمندوبات.

ويقال: " أحسنوا ": أي لم يَبْقَ عليهم حقٌّ إلا قاموا به؛ إن كان حقَّ الحقِّ فَمِنْ غير تقصير، وإن كان من حقِّ الخَلْق فأداءٌ من غير تأخير.

ويقال: " أحسنوا ": في المآل كما أحسنوا في الحال؛ فاستداموا بما فيه واستقاموا، والحسنى التي لهم هي الجنة وما فيها من صنوف النِّعم.

ويقال:الحسنى في الدنيا توفيق بدوام، وتحقيق بتمام، وفي الآخرة غفران مُعَجَّل، وعيان على التأبيد مُحَّصل.

قوله: { وَزِيَادَةٌ }: فعلى موجِب الخبر وإجماعِ السلف النظرُ إلى الله، ويحتمل أن تكون " الحسنى ": الرُّؤية، " والزيادة ": دوامُها، ويحتمل أن تكون " الحسنى ": اللقاء، " والزيادةُ ": البقاء في حال اللقاء.

ويقال الحسنى عنهم لا مقطوعة ولا ممنوعة، والزيادة لهم لا عنهم محجوبة ولا مسلوبة.

قوله جلّ ذكره: { وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }.

لا يقع عليهم غبارُ الحجاب، وبعكسه حديث الكفار حيث قال:وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ } [عبس:40].

" والذلة " التي لا تصيبهم أي لا يُرَدُّوا مِنْ غير شهودٍ إلى رؤية غيره، فهم فيها خالدون في فنون أفضالهم، وفي جميع أحوالهم.