قوله تعالى: { لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى ٱلتَّقْوَىٰ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ } [الآية: 108]. قال أبو بكر الوراق: من صحح إرادته بدا ولم يعارضه شك أو ريبة، فإن أحواله تجرى على الاستقامة، فتصحيح الإرادة هو الخلع عن مراده أجمع، والرجوع إلى مراد الله فيه، قال الله عز وجل: { لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى ٱلتَّقْوَىٰ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ }. وقال عبد الله بن مبارك: المقام فى عرضات الشر وأماكنه من أوائل الخذلان، وقد أمر الله بالفرار منها. قال الله تعالى:{ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ ٱللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا } [النساء: 97]. قال أبو عثمان: أرض الفتنة لا ينبت فيها إلا الفتنة، وأرض الرحمة يصيب الإنسان رحمتها ولو بعد حين. قوله تعالى: { فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلْمُطَّهِّرِينَ }. قال سهل: الطهارة على ثلاثة أوجه: طهارة العلم من الجهل وطهارة الذكر من النسيان وطهارة الطاعة من المعصية. قال بعضهم: { فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ } أى يطهروا أسرارهم من دنس الأكوان. قال سهل: هذه الطهارة التى ذكر الله هى الطاعة لله عز وجل وإدامة الذكر له سرًا وعلنًا. قال بعضهم: طهارتهم من الأوهام القبيحة والأمانى الفاسدة دون ارتكابها.