الرئيسية - التفاسير


* تفسير حقائق التفسير/ السلمي (ت 412 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ رَمَىٰ وَلِيُبْلِيَ ٱلْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاۤءً حَسَناً إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }

قوله تعالى: { فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ رَمَىٰ } [الآية: 17].

قال فارس: ما كنت راميًا إلا بنا، ولا مصيبًا إلا بمعونتنا وإمدادنا إياك بالقوة.

قال بعضهم: أثبتهم فى القتل والرمى ومباشرتهما، ثم نفى عنهم ذلك كله لئلا يشهدوا من أنفسهم حالاً ولا سببًا ويشاهدوا الحق على جميع الأحوال بقوله { وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ قَتَلَهُمْ } ورماهم، ومن رمى منكم فبإيانا رَمَى، ولو بإياكم رميتم لبلغ الرمى إلى مقدار ما يليق بكم.

وقال بعضهم: { وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ } ، ولكن رميت بسهام الجمع فغيبك عنك، فرميت وكنا الرامين عنك، لأن المباشرة لك والحقيقة لنا إذ لم نفترق.

وقال بعضهم قوله: { وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ رَمَىٰ } أضاف الفعل إليه بقوله رميت وسلبه بقوله: { وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ رَمَىٰ } فكأنه يقول: فإن كنت الرامى به، فأنا قد توليت عليك فى رميك، لأنك ما رميته بإياك لإياك بل رميته بنا لنا، وكل من عمل بنا لنا فنحن متولو تقويمه فى وقت مباشرته، والقائمون بقبوله المثنون عليه بذلك.

قوله تعالى: { وَلِيُبْلِيَ ٱلْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاۤءً حَسَناً }.

سُئل الجنيد رحمة الله عليه عن هذه الآية فقال: البلاء الحسن أن يثبته عند الأمر ويحفظه عند النهى، وينفرد به عند مشاهدة العين.

وقال رويم: البلاء الحسن أن تكون رؤية الحق أسبق إليه من نزول البلاء، فيمر به البلاء وهو لا يشعر لاستغراقه فى رؤية الحق.

قال أبو عثمان: البلاء الحسن ما يورثك الصبر عليه والرضاء به.

سمعت منصورًا يقول بإسناده عن جعفر بن محمد أنه قال: يفنيهم عن نفوسهم، فإذا أفناهم عن نفوسهم؛ كان هو عوضًا لهم عن نفوسهم.