الرئيسية - التفاسير


* تفسير حقائق التفسير/ السلمي (ت 412 هـ) مصنف و مدقق


{ هَلْ جَزَآءُ ٱلإِحْسَانِ إِلاَّ ٱلإِحْسَانُ }

سمعت منصور بن عبد الله يقول: سمعت جعفر بن محمد يقول: سمعت إبراهيم الخواص يقول فى قوله: { هَلْ جَزَآءُ ٱلإِحْسَانِ إِلاَّ ٱلإِحْسَانُ } قال: هل جزاء الإسلام إلا دار السلام والسلامة من المخاوف أجمع وهل جزاء الطاعات إلا الدرجات وهل جزاء الشكر ورؤية المنة إلا الزيادة والرؤية وهل جزاء من ترك الكفر إلا التحقق له فى الإيمان وهل جزاء من ترك الدنيا إلا الآخرة وهل جزاء من ترك الأنس بالمخلوقين إلا أن يُوصل إلى محل الأنس بربه وهل جزاء من انقطع بنفسه إلا وجود القلب مع الله. وهل جزاء من صبر مع الله إلا الوصول إليه وهل جزاء من خاف فى الدنيا إلا الأمن فى العقبى وهل جزاء من آمن وعمل صالحًا مخلصاً إلا البشرى عند الموت.

وقال الجنيد: هل جزاء من ترك الكل لنا وفينا إلا أن يكون عوضه عن الكل.

وقال بعضهم: هل جزاء من أحسن إليك إلا أن تحسن بينك وبينه لأن الله يقول:وَبَشِّرِ ٱلْمُحْسِنِينَ } [الحج: 37].

وقال بعضهم: هل جزاء من وفق للإحسان إلا الإحسان إليه، وهل جزاء من عاملنا على المشاهدة فى دنياه إلا أن نكرمه بالنظر إلينا فى دار السلام وأصله قول النبى صلى الله عليه وسلم: " اعبد الله كأنك تراه ".

سمعت النصرآباذى يقول: محسن يرى الإحسان من نفسه ومحسن يرى الإحسان من المحسن ورؤية الإحسان من النفس على رؤية المنة حسن ورؤية المحسن أحسن، فإن قيل: متى أحسن إليهم؟ فقل: حين لا متى، لذلك قيل فى الدعاء: يا قديم الإحسان.

وقال ابن عطاء: هل جزاء الهداية والتقرب إلاَّ الانقطاع عما دونه والفخر به.

وقال عبد العزيز المكى: ليس للتائب من الكريم اللطيف إلا المغفرة والرحمة والزلفى والترحيب.

وقال جعفر: هل جزاء من أحسنت إليه فى الأزل إلا حفظ الإحسان عليه إلى الأبد.

وقال بعض الحكماء: الإحسان فى ثلاثة أشياء الإحسان فى أن تعبده ولا تشرك به والثانى أن تعمل له على المشاهدة كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك والثالث أن تسرع إلى أوامره وتتباعد عن مناهيه.

وقال بعضهم فى قوله: { هَلْ جَزَآءُ ٱلإِحْسَانِ إِلاَّ ٱلإِحْسَانُ } قال: هل جزاء الطاعات إلا الدرجات وهل جزاء الإسلام إلا دار السلام والسلامة من المهالك وهل جزاء المتقين إلا الرؤية وهل جزاء من انقطع عن الأنس بالمخلوقين إلا الأنس بالله وهل جزاء من غاب عن نفسه إلا وجود القلب مع الله.