الرئيسية - التفاسير


* تفسير حقائق التفسير/ السلمي (ت 412 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِٱلْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ ٱلأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي ٱلصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ ٱللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ }

قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } [الآية: 1].

قال سرى: أى خواص الخواص من عبادى.

قال ذو النون: علاقة المؤمن خلع الراحة وإعطاء المجهود فى الطاعة ومحبة سقوط المنزلة.

وقال ابن عطاء فى قوله { يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ }: أى يا أيها الذين أعطيتهم قلوبًا لا تغفل عنى ولا تحجب دونى طرفة عين.

قال الواسطى رحمة الله عليه: الإيمان إيمانان إيمان بضياء الروح وهو الحقيقي، وإيمان محبة بظلمة الروح، لذلك استثنى من استثنى فى إيمانه.

وقال بعضهم: صفة المؤمن كالأرض تحمل الأذى وتنبت المرعى.

وقال محمد بن خفيف: الإيمان تصديق القلوب بما عَلَّمه الحق من الغيوب.

وقال جعفر بن محمد فى قوله { يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } قال فيه أربع خصال: نداء وكناية، وإشارة وشهادة، فيا نداء وأى خصوص نداء وها كناية والذين إشارة وآمنوا شهادة.

قال ابن عطاء فى قوله: { يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ }: هم الذين خصصتهم ببرى ومشاهدتى لا يكونون كمن أعميتهم عن مشاهدتى ومطالعة برى.

وقال فارس: الإيمان تعظيم الحقيقة، وصون الشريعة والرضا بالقضية، حتى تستيقن أنه ليس إليك من حركاتك وسكونك شىء.

قوله تعالى: { أَوْفُواْ بِٱلْعُقُودِ }.

قيل: أول عقدٍ عُقِد عليك إجابتك له بالربوبية، فلا تخالفه بالرجوع إلى سواه.

والعقد الثانى: عقد بحمل الأمانة فلا تحقرنها.

قال الواسطى رحمة الله عليه: العقود إذا لم تشهد القصور تلوَّن عليها المقصود.

وقال إبراهيم الخواص: من عرف الحق بوفاء العهد ألزمته تلك المعرفة السكون إليه والاعتماد عليه.

وقال أبو محمد الجريرى: الوفاء متصل بالصفاء.

قوله تعالى: { إِنَّ ٱللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ }.

قال جعفر: حكم بما أراد وأمضى، وإرادته ومشيئته نافذة، فمن رضى بحكمه استراح وهُدى لسبيل رشده، ومن سخطه فإن حكمه ماضٍ وله فيه السخط والهوان.