قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } [الآية: 1]. قال سرى: أى خواص الخواص من عبادى. قال ذو النون: علاقة المؤمن خلع الراحة وإعطاء المجهود فى الطاعة ومحبة سقوط المنزلة. وقال ابن عطاء فى قوله { يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ }: أى يا أيها الذين أعطيتهم قلوبًا لا تغفل عنى ولا تحجب دونى طرفة عين. قال الواسطى رحمة الله عليه: الإيمان إيمانان إيمان بضياء الروح وهو الحقيقي، وإيمان محبة بظلمة الروح، لذلك استثنى من استثنى فى إيمانه. وقال بعضهم: صفة المؤمن كالأرض تحمل الأذى وتنبت المرعى. وقال محمد بن خفيف: الإيمان تصديق القلوب بما عَلَّمه الحق من الغيوب. وقال جعفر بن محمد فى قوله { يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } قال فيه أربع خصال: نداء وكناية، وإشارة وشهادة، فيا نداء وأى خصوص نداء وها كناية والذين إشارة وآمنوا شهادة. قال ابن عطاء فى قوله: { يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ }: هم الذين خصصتهم ببرى ومشاهدتى لا يكونون كمن أعميتهم عن مشاهدتى ومطالعة برى. وقال فارس: الإيمان تعظيم الحقيقة، وصون الشريعة والرضا بالقضية، حتى تستيقن أنه ليس إليك من حركاتك وسكونك شىء. قوله تعالى: { أَوْفُواْ بِٱلْعُقُودِ }. قيل: أول عقدٍ عُقِد عليك إجابتك له بالربوبية، فلا تخالفه بالرجوع إلى سواه. والعقد الثانى: عقد بحمل الأمانة فلا تحقرنها. قال الواسطى رحمة الله عليه: العقود إذا لم تشهد القصور تلوَّن عليها المقصود. وقال إبراهيم الخواص: من عرف الحق بوفاء العهد ألزمته تلك المعرفة السكون إليه والاعتماد عليه. وقال أبو محمد الجريرى: الوفاء متصل بالصفاء. قوله تعالى: { إِنَّ ٱللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ }. قال جعفر: حكم بما أراد وأمضى، وإرادته ومشيئته نافذة، فمن رضى بحكمه استراح وهُدى لسبيل رشده، ومن سخطه فإن حكمه ماضٍ وله فيه السخط والهوان.