الرئيسية - التفاسير


* تفسير حقائق التفسير/ السلمي (ت 412 هـ) مصنف و مدقق


{ مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ ٱللَّهِ وَٱلَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّآءُ عَلَى ٱلْكُفَّارِ رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِّنْ أَثَرِ ٱلسُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي ٱلتَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي ٱلإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَٱسْتَغْلَظَ فَٱسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ ٱلزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ ٱلْكُفَّارَ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً }

قوله عز وعلا: { مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ ٱللَّهِ وَٱلَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّآءُ عَلَى ٱلْكُفَّارِ } [الآية: 29].

قال ابن عطاء: وصف محمدًا صلى الله عليه وسلم بأنه رسول والرسول لا يكون إلا أمينًا مأمونًا ظاهرًا وباطنًا سرًا وعلنًا ووصف الصحابة الذين معه بأوصاف ثمانية وهى أحوال خصت بها الخواص من أصحابه وهو حال البقاء واللقاء والحمد والوفاء والصدق والحياء والصحبة والرضاء فخص أبا بكر منها بأحوال وهى حالة اللقاء لقول النبى صلى الله عليه وسلم: " إن الله يتجلى للخلق عامة ويتجلى لأبى بكر خاصة ".

وحال الصحبة لقوله تعالى:إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ } [الكهف: 40] وحال الرضا بقوله:وَلَسَوْفَ يَرْضَىٰ } [الليل: 21] وحال الوفاء لقوله: " لو منعونى عناقاً أو عقالاً مما كانوا يؤدونها إلى رسول الله لجاهدتهم أو لقاتلتهم " وحال الصدق لقوله:وَٱلَّذِي جَآءَ بِٱلصِّدْقِ } [الزمر: 33] وخص عمر بالجهد وعثمان بالحياء وعليًا بالتقى رضى الله عنهم جميعًا.

قال القاسم فى قوله: { وَٱلَّذِينَ مَعَهُ } قال: كان عمر فى وقت الكفر من الذين معه فى القبضة والقسمة، ومن الذين معه فى الحكم والشريعة، سئل الحسين متى كان محمد صلى الله عليه وسلم نبياً؟ وكيف جاءت رسالته؟ فقال نحن بعد فى الرسول والرسالة، والنبى والنبوة. أين أنت عن ذكر ما لا ذاكر له فى الحقيقة إلاَّ هو، وعن هوية من لا هوية له إلاَّ بهويته؟ وأين كان النبى عن نبوته حيث جرى القلم بقوله محمد صلى الله عليه وسلم بالرسالة عظم محله بذكره له بالرسالة فهو الرسول المكين والسفير الأمين جرى ذكره فى الأزل، لتمكين من الملائكة والأنبياء على أعظم محل وأشرف مكان.

قوله تعالى: { سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِّنْ أَثَرِ ٱلسُّجُودِ } [الآية: 29].

قال سهل: المؤمن وجه لله بلا قفا مقبل عليه غير معرض عنه، وذلك سيماء المؤمنين.

قال عامر بن عبد قيس: كان وجه المؤمن مخبر عن مكنون علمه وكذلك وجه الكافر وذلك قوله: { سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ }.

وقال الفضيل: سيماء المؤمنين للخشوع والتواضع، وسيماء المنافقين الترفع والتكبر.

وقال ابن عطاء: هى عليهم خلع للأنوار لائحة.

قال القاسم: هو أثر الخضوع والاستكانة تحت قضاء الله وقسمه.

وقال بعضهم: هو شغل قلوبهم بما عملوا هل قبل منهم أم رد عليهم.

قال عبد العزيز المكى: ليس هى النحولة والصفرة لكنه نور يظهر على وجوه العابدين يبدوا من باطنهم على ظاهرهم ذلك للمؤمنين ولو كان ذلك فى زنجى أو حبشى.