الرئيسية - التفاسير


* تفسير حقائق التفسير/ السلمي (ت 412 هـ) مصنف و مدقق


{ فَٱعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ ٱللَّهُ وَٱسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ }

قوله تعالى: { فَٱعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ ٱللَّهُ } [الآية: 19].

قال الجنيد رحمة الله عليه: أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يدعو الخلق من الأصنام والأوثان فدعاهم فمن بين مجيب ومنكر ودعاه إليه من نفسه ومن الخلق ومن الأكوان فقال: فاعلم أنه أى أن الذى اصطفاك على البشر لا إله إلا هو الذى يستحق الألوهية دون غيره.

وقال الواسطى رحمة الله عليه: من قال: لا إله إلا الله على العادة فهو أحمق، ومن قالها تعجباً فهو مصروف عن الخلق، ومن قالها على الاخلاص فهو مصروف عن الشرك، ومن قالها على الحقيقة فقد تبتل عن الشواهد.

قال القاسم: العلماء أربعة عالم متروك، وعالم متمكن، وعالم موصول، وعالم مجذوب، فالعالم المتروك هو العامة، وعالم موصول وهم الذين يطلبون الله وعالم مجذوب وهو الذى جذب سرائرهم إلى سره، وعالم متمكن هو محمد صلى الله عليه وسلم وجد القرآن فى محل المشاهدة والخطاب لذلك خوطب بقوله: { فَٱعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ ٱللَّهُ }.

قال السلامى فى قوله: { فَٱعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ ٱللَّهُ } أى ازدد علماً وإيماناً فكلما كثرت النعم عليه أفادته علماً بالمنعم فيترقى فى العلوم والمعارف على حسب كثرة النعم وتعدادها وإنما يزيد عن غير نقص لأن العلوم لا تتناهى.

قال حارث المحاسبى: أول علم التوحيد قوله: { فَٱعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ ٱللَّهُ } والثانى أن لا يضيف إليه إلا ما أضاف إلى نفسه والثالث علم أمره ونهيه ووعده ووعيده والرابع علم ما عرف من علم التوحيد فلم يخالف علمه معرفته.

وقال الحارث فى قوله: { فَٱعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ ٱللَّهُ } لتعلم أنه ليس إليك من ضرك ونفعك شىء.

قال ابن عطاء: عالم قول لا إله إلا الله يحتاج إلى أربعة أشياء تصديق وتعظيم وحلاوة وحُرمة فمن لم يكن له تصديق فهو منافق ومن لم يكن له تعظيم فهو مبتدع ومن لم يكن له حلاوة فهو مُراءٍ ومن لم يكن له حرمة فهو فاسق ولم يكمل هذه الخصال إلا للنبى صلى الله عليه وسلم قيل له: { فَٱعْلَمْ } لعظيم محله ودعاء الآخرين إلى قوله دون علمه.

وقال جعفر فى قوله: { فَٱعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ ٱللَّهُ } قال: أزل العلل عن الربوبية ونزه الحق عن الدرك.

قال الجنيد رحمة الله عليه: العلم أرفع من المعرفة وأتم وأشمل وأكمل لذلك تسمى الله بالعلم ولم يتسم بالمعرفة وقال:وَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ دَرَجَاتٍ } [المجادلة: 11] ثم لما خاطب النبى صلى الله عليه وسلم خاطبه بأتم الأوصاف وأكملها وأشملها للخيرات فقال: { فَٱعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ ٱللَّهُ } ولم يقل فاعرف لأن الإنسان قد يعرف الشىء ولا يحيط به علماً وإذا علمه وأحاط به علماً فقد عرفه.

السابقالتالي
2 3