الرئيسية - التفاسير


* تفسير حقائق التفسير/ السلمي (ت 412 هـ) مصنف و مدقق


{ أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَّعِيشَتَهُمْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضاً سُخْرِيّاً وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ }

قوله تعالى: { أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَّعِيشَتَهُمْ } [الآية: 32].

قال الواسطى رحمة الله عليه: رزق قوماً حلالاً ومدحهم عليه، وقوماً شبهة وذمهم عليه، وقوماً حراماً وعاقبهم عليه، وغذَّى موسى بالحرام المحض ولم يلمه عليه، قال النبى صلى الله عليه وسلم: " إن روح القدس نفث فى روعى أن نفساً لا تموت حتى تستكمل رزقها، ألا فاتقوا الله وأجملوا فى الطلب " وقال: { أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا }.

قال القاسم: إن الله تعالى خلق الخلق أقساماً خلق الغزاة لقمع الكفار وخلق السلطان لقمع الأشرار وخلق العلماء لقمع الجهال وخلق العارفين لقمع المدعيين.

قال بعضهم: لم يترك قسم معاش الدنيا مع خستها للعبد فكيف يترك قسمة الرحمة للعبد مع جلالتها.

قوله تعالى: { وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ } [الآية: 32].

قال سهل: فضّلنا بعضهم على بعض فى المعرفة والطاعة عيشاً لهم فى الدنيا والآخرة.

وقال الجنيد رحمة الله عليه: { وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ } قال: بالتمييز وحفظ السر.

وقال بعضهم: بالحلم والأناة.

وقال بعضهم: بالثقة والتوكل.

وقال بعضهم: بمعرفة كيد النفس ووسوسة الشيطان.

وقال أبو الحسين الوراق: بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر.

قوله تعالى: { وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ } [الآية: 32].

قال سهل: الذكر لله خالصاً خير من كثرة الأعمال لطلب الجزاء.

قال ابن عطاء: يعطيكم على سبيل الفضل خير لهم مما يجازيهم بأعمالهم.

وقال بعضهم: طلب الرحمة فى إتمام الفرائض والسنن خير من كثرة النوافل ورؤية النفس فيها والامتنان بها لأن ذلك محل الاستدراج والخداع.