قوله تعالى: { أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَّعِيشَتَهُمْ } [الآية: 32]. قال الواسطى رحمة الله عليه: رزق قوماً حلالاً ومدحهم عليه، وقوماً شبهة وذمهم عليه، وقوماً حراماً وعاقبهم عليه، وغذَّى موسى بالحرام المحض ولم يلمه عليه، قال النبى صلى الله عليه وسلم: " إن روح القدس نفث فى روعى أن نفساً لا تموت حتى تستكمل رزقها، ألا فاتقوا الله وأجملوا فى الطلب " وقال: { أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا }. قال القاسم: إن الله تعالى خلق الخلق أقساماً خلق الغزاة لقمع الكفار وخلق السلطان لقمع الأشرار وخلق العلماء لقمع الجهال وخلق العارفين لقمع المدعيين. قال بعضهم: لم يترك قسم معاش الدنيا مع خستها للعبد فكيف يترك قسمة الرحمة للعبد مع جلالتها. قوله تعالى: { وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ } [الآية: 32]. قال سهل: فضّلنا بعضهم على بعض فى المعرفة والطاعة عيشاً لهم فى الدنيا والآخرة. وقال الجنيد رحمة الله عليه: { وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ } قال: بالتمييز وحفظ السر. وقال بعضهم: بالحلم والأناة. وقال بعضهم: بالثقة والتوكل. وقال بعضهم: بمعرفة كيد النفس ووسوسة الشيطان. وقال أبو الحسين الوراق: بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر. قوله تعالى: { وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ } [الآية: 32]. قال سهل: الذكر لله خالصاً خير من كثرة الأعمال لطلب الجزاء. قال ابن عطاء: يعطيكم على سبيل الفضل خير لهم مما يجازيهم بأعمالهم. وقال بعضهم: طلب الرحمة فى إتمام الفرائض والسنن خير من كثرة النوافل ورؤية النفس فيها والامتنان بها لأن ذلك محل الاستدراج والخداع.