الرئيسية - التفاسير


* تفسير حقائق التفسير/ السلمي (ت 412 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسْتَقَامُواْ تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ ٱلْمَلاَئِكَةُ أَلاَّ تَخَافُواْ وَلاَ تَحْزَنُواْ وَأَبْشِرُواْ بِٱلْجَنَّةِ ٱلَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ }

قوله تعالى: { إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسْتَقَامُواْ } [الآية: 30].

قال: استقاموا على انفراد القلب بالله سمعت منصور بن عبد الله يقول سمعت أبا القاسم البزاز يقول: قال ابن عطاء فى قوله: { ثُمَّ ٱسْتَقَامُواْ } قال استقاموا على المشاهدة لأن من عرف شيئًا لا يهاب غيره ولا يطالع سواه فتركوا المنازعة والاعتراض مع الحق.

وقال بعضهم فى قوله: { إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسْتَقَامُواْ } قال: قالوها صرفًا غير ممزوجة ولم يعرجو على معنى سواها لما اعتقدوا لأنفسهم من العبودية وله من تمام الربوبية.

قال محمد بن الفضل: حاجة جميع الموحدين فى خصلة بها كملت المحاسن وبفقدها قبحت القبائح وهى الاستقامة.

سئل الشبلى عن هذه الآية فقال: { قَالُواْ رَبُّنَا } هو خالقنا فـ { ٱسْتَقَامُواْ } معه على بساط المعرفة وداموا بأسرارها على سرير المحبة { تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ ٱلْمَلاَئِكَةُ } بانقطاع المدة أن لا تخافوا من دار الهوان ولا تحزنوا على ما فاتكم من دار الامتحان وأبشروا بدوام النعيم وهو لقاء الله عز وجل الذى ليس بعده نصب ولا شدة.

وقيل فى قوله: { إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسْتَقَامُواْ } قال: استقاموا فعلاً كما استقاموا قولاً واستقاموا سرًا كما استقاموا جهرًا واستقاموا باطنًا كما استقاموا ظاهرًا فإن حقيقة الاستقامة القرار بعد الإقرار لا الإقرار بعد القرار تتنزل عليهم الملائكة للحماية أن لا تخافوا على الولاية { وَلاَ تَحْزَنُواْ } على ما فاتكم أى ما جرى عليكم من الجناية وأبشروا بالجنة التى كنتم توعدون فى البداية.