الرئيسية - التفاسير


* تفسير حقائق التفسير/ السلمي (ت 412 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ رَبِّ ٱغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لاَّ يَنبَغِي لأَحَدٍ مِّن بَعْدِيۤ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْوَهَّابُ }

قوله عز وعلا: رب { وَهَبْ لِي مُلْكاً لاَّ يَنبَغِي } [الآية: 35].

أى المعرفة بك حتى لا أرى معك غيرك ولا تشغلنى بكثرة عروض الدنيا عنك.

قال سهل: ألهم الله عز وجل سليمان أن يسأله ملكًا لا ينبغى لأحد من بعده ليقصم به الجبابرة والكفرة الذين يخالفون ربهم ويدّعون لأنفسهم قدره وقوة من الجن والإنس فوقع من سليمان السؤال على اختيار الله له لا على اختياره لنفسه فقال حينئذ هب لى ملكًا على نفسى فإنى إن ملكت الدنيا ولا أملك نفسى أكون عاجزًا.

وقال أيضًا: هب لى ملكًا ثم رجع ونظر فيما سأل فقال: لا ينبغى لأحد من بعدى يسأل المُلك فإنه يشغل عن الملك.

سمعت منصور بن عبد الله يقول سمعت أبا القاسم البزاز يقول: قال ابن عطاء - رحمة الله عليه -: إنما سأله ذلك لينال حسن الصبر فى الكف عن الدنيا ويظهر جميل الاجتهاد فيها لأن الزاهد فى الدنيا من نالها فصبر عنها.

قال جعفر: هب لى القنوع بقسمتك حتى لا يكون مع اختيارك اختيار.

قال ابن عطاء - رحمة الله عليه -: لما سأل سليمان عليه السلام من الله الملك سخر له الريح وأعلمه بذلك أن ما سواه ريح لا بقاء له ولا دوام وأن العاقل من يكون سؤاله الباقى والدائم.

قال ابن عطاء - رحمة الله عليه -: سأله ملك الدنيا لينظر كيف صبره عن الدنيا مع القدرة عليها.

قال محمد بن على فى قوله: { هَبْ لِي مُلْكاً } قال: هو أن لا يشغله عن ربه شىء مما أتاه من الملك فيكون حجة على ما بعده من الملوك وأبناء الدنيا.

قال محمد بن على: فى قوله { هَبْ لِي مُلْكاً } كان سليمان بن داود عليه السلام فى ملكه إذا دخل المسجد وجالس المساكين يقول: مسكين جالس مسكينًا.