الرئيسية - التفاسير


* تفسير حقائق التفسير/ السلمي (ت 412 هـ) مصنف و مدقق


{ فِيهِ ءَايَٰتٌ بَيِّنَـٰتٌ مَّقَامُ إِبْرَٰهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً وَللَّهِ عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلْبَيْتِ مَنِ ٱسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱلله غَنِيٌّ عَنِ ٱلْعَٰلَمِينَ }

قوله عز وعلا: { فِيهِ آيَاتٌ بَيِّـنَاتٌ } [الآية: 97].

قال محمد بن الفضل: علامات ظاهرة يستدل بها العارف على معروفه.

قوله عز وعلا: { مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ }.

قال الشبلى: مقام إبراهيم هو الخُلَّة، فمن شاهد فيه مقام إبراهيم الخليل فهو شريف، ومن شاهد فيه مقام الحق فهو أشرف.

وقال محمد بن على الترمذى: مقام إبراهيم بذل النفس والمال والولد فى رضا خليله، فمن نظر إلى المقام ولم يَتخلَّ مما تخلى منه إبراهيم من النفس والمال والولد سفره فقد بطل وخابت رحلته.

قوله تعالى: { وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً }.

قال النورى: من دخل قلبه سلطان الاطلاع كان آمناً من هواجس نفسه ووساوس الشيطان.

قال الواسطى: من دخله على شرط الحقيقة كان آمنًا من رعونات نفسه.

قال ابن عطاء: من دخله كان آمنًا من عقابه ولله فى الدنيا ثواب وعقاب، فثوابه العافية وعقابه البلاء، فالعافية أن يتولى عليك أمرك، والعقوبة أن يكلك إلى نفسك.

قال جعفر فى قوله: { وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً } قال: من دخل الإيمانُ قلبه كان آمنًا من الكفر.

قال الواسطى رحمة الله عليه فى موضع آخر: من جاور الإيمانُ قلبه كان آمنًا من رعونات نفسه. سمعت منصورًا يقول: سمعت أبا القاسم الإسكندرانى يقول بإسناده عن جعفر الصادق عليه السلام فى قوله: { وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً } فقال: من دخله على الصفة التى دخلها الأنبياء والأولياء والأصفياء كان آمنًا من عذابه كما آمنوا.

قوله تعالى: { وَللَّهِ عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلْبَيْتِ... } الآية.

قيل: لم يخاطب الله عباده فى شىء من العبادات بأن لله عليهم إلا الحج وفيه فوائد:

إحداها: أنه ليس من العبادات عبادة يشترك فيها المال والنفس إلا الحج فأخرجه بهذا الاسم.

وقيل: هى عبادة يكثر فيها التعب والنصب على مباشرتها فأخرجه بهذا الاسم ليكون عونًا له على ما تباشره لعلمه أنه يؤدى ما لله عليه فى ذلك.

وقيل: لما كان فيه الإشارات القيمة من تجريد ووقوف وغيرة قال الله تعالى: عليك لتهيئ باطنك للموقف الأكبر كما هيأت ظاهرك لهذا الموقف.

وفى الحج إشاراتٌ قيل: إنَّ رجلاً جاء إلى الشبلى فقال له: إلى أين؟ قال: إلى الحج، قال: هات غرارتين فاملأهما رحمة واكبسهما وجئ بهما لتكون حظنا من الحج نعرضُها على من حضر ونحيى بها من زار، قال: فخرجت من عنده فلما رجعت قال لى: أحججت؟ قلت: نعم، قال لى: أى شئ عملت؟ قلت: اغتسلت وأحرمت وصليت ركعتين ولبيت، فقال لى: عقدت به الحج؟ قلت: نعم، قال: أفَسَختَ بعقدك كل عقدٍ عقدت منذ خُلِقت مما يضاد هذا العقد، قلت: لا، قال: فما عقدت، قال: ثم نزعت ثيابك؟ قلت: نعم، قال: تجردت عن كل فعل فعلته؟ قلت: لا، قال: ما نزعت قال: ثم تطهرت؟ قلت: نعم.

السابقالتالي
2 3