قوله عز وعلا: { يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَآءُ } [الآية: 74]. قال أبو عثمان: أهمل القول ليتقى معه رجاء الراجى وخوف الخائفِ. وقال بعضهم: أزال العلل فى العطايا ومنع النفوس عن ملاحظات المجاهدات ما تطلعهم عن الشواهد والموارد قال:{ وَلاَ يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً } [الكهف: 26]. قال سهل فى قوله: { يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَآءُ } قال: ارتفعت العلل فى العطايا وفيما أظهر من النعوت والخفايا وفتن النفوس عن مطالعات المجاهدات فكيف يتوسل المتوحّد بالوسائلِ من أعمال البرِّ بعد قوله { يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَآءُ } فأيقن بأن ليسَ إليه طريقٌ بالشواهد والموارد والعوايد والفوائد. [قال ابن عطاء فى قوله { يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَآءُ }: أنبأ أن لا طريق إليه بالعوائد والفوائد]. قال الواسطى رحمة الله عليه فى قوله: { يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَآءُ }: قال: أن تكون حيث كُنتَ بلا أنت، ويكونُ القائم هو لك بذاته ونعوته. قال الواسطى فى قوله: { يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَآءُ } من تجلى له بأحوال ليس كمن تجلى بحالٍ واحدةٍ لذلك يختص برحمته من يشاء، قال: لما أن شاهدوا البرهان وعاينوا الفرقان؛ فزعوا من صفاتهم إلى صفاته، ومن فعلهم إلى فضله فسكنوا إلى سبق حسناته، حيث يقول{ إِنَّ ٱلَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِّنَّا ٱلْحُسْنَىٰ } [الأنبياء: 101]. وقال أبو سعيد فى هذه الآية: إن الرحمة ها هنا فهم معانى السَّماع بالسمع الحقيقى، وهو الذى خصَّ به الحقُّ خواص السادة من عباده.