الرئيسية - التفاسير


* تفسير حقائق التفسير/ السلمي (ت 412 هـ) مصنف و مدقق


{ لَكِنِ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلاً مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ وَمَا عِندَ ٱللَّهِ خَيْرٌ لِّلأَبْرَارِ }

قوله تعالى: { وَمَا عِندَ ٱللَّهِ خَيْرٌ لِّلأَبْرَارِ } [الآية: 198].

قيل: ما عنده لهم خير مما يطلبونه بأفعالهم قوله عز وجل: { يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ } [الآية: 200].

قال الجنيد: إن الله تعالى ذكر الصبر وشرَّفه وعظم شأن الصابرين عليه لديه، فقال: { يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ } وأمرهم بالصبر على الصبر ثم قال: { وَرَابِطُواْ } وهو ارتباط السر مع الله تعالى سرًا، والوقوف مع الله تعالى جهراً.

قال النبى صلى الله عليه وسلم: " إنما الصبر عند الصدمة الأولى ".

قال الحارث رحمه الله: فى قوله تعالى: { ٱصْبِرُواْ } قال: الصبر: التهدف بسهام البلاء.

قال الجريري رحمه الله: الصبر إسبال البلوى قبل وقوع البلوى، فإذا صادف البلوى تلقاه بالمولى فلم يجزع.

قال الجنيد رحمه الله: الصبر حبس النفس مع الله تعالى بنفى الجزع عما سواه.

قال ابن عطاء رحمه الله: اليقين سيف النفس، والصبر من سر الله تعالى فى أرضه، وإن الشيطان ليتعوذ من الصابرين كما يتعوذ المؤمن من الشيطان.

قال: وسمعت أبا العباس البغدادي يقول: سمعت جعفرًا الخلدى رحمه الله يقول: خير الدنيا والآخرة في صبر ساعة.

قال ذو النون رحمه الله: علامة الصبر خمسة:

- التباعد عن الخلطاء فى الشدة والسكون إليهم.

- مع تجرُّع غصص البلية.

- وإظهار الغنى مع كثرة العيال.

- وجفاء الخلق مع هجرانهم له.

- وقول الحق مع احتمال الضرر فى المال والبدن.

وقال بعضهم: اصبروا تحت حكمى، وصابروا فى الجهاد مع أعدائى، ورابطوا قلوبكم بموافقتى ورضائى.

وقيل: اصبروا قال: الصبر يوجب الرضا والرضا يوجب الحياء والحياء يوجب الغنى.

قال جعفر الصادق رحمه الله: اصبروا عن المعاصى، وصابروا على الطاعات، ورابطوا الأرواح بالمشاهدة، واتقوا الله بحسن الانبساط مع الحق عز وجل، لعلكم تفلحون: تبلغون مواقف أهل الصدق فإنه محل الفلاح.

وقال بعضهم: اصبروا بجوارحكم على الطاعات وصابروا مع الله، ورابطوا أسراركم بالحقائق لعلكم تجردون من همومكم وخطراتكم.

قال الجنيد رحمه الله: الصبر حبس النفس على المكروه.