قوله تعالى: { وَمَا عِندَ ٱللَّهِ خَيْرٌ لِّلأَبْرَارِ } [الآية: 198]. قيل: ما عنده لهم خير مما يطلبونه بأفعالهم قوله عز وجل: { يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ } [الآية: 200]. قال الجنيد: إن الله تعالى ذكر الصبر وشرَّفه وعظم شأن الصابرين عليه لديه، فقال: { يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ } وأمرهم بالصبر على الصبر ثم قال: { وَرَابِطُواْ } وهو ارتباط السر مع الله تعالى سرًا، والوقوف مع الله تعالى جهراً. قال النبى صلى الله عليه وسلم: " إنما الصبر عند الصدمة الأولى ". قال الحارث رحمه الله: فى قوله تعالى: { ٱصْبِرُواْ } قال: الصبر: التهدف بسهام البلاء. قال الجريري رحمه الله: الصبر إسبال البلوى قبل وقوع البلوى، فإذا صادف البلوى تلقاه بالمولى فلم يجزع. قال الجنيد رحمه الله: الصبر حبس النفس مع الله تعالى بنفى الجزع عما سواه. قال ابن عطاء رحمه الله: اليقين سيف النفس، والصبر من سر الله تعالى فى أرضه، وإن الشيطان ليتعوذ من الصابرين كما يتعوذ المؤمن من الشيطان. قال: وسمعت أبا العباس البغدادي يقول: سمعت جعفرًا الخلدى رحمه الله يقول: خير الدنيا والآخرة في صبر ساعة. قال ذو النون رحمه الله: علامة الصبر خمسة: - التباعد عن الخلطاء فى الشدة والسكون إليهم. - مع تجرُّع غصص البلية. - وإظهار الغنى مع كثرة العيال. - وجفاء الخلق مع هجرانهم له. - وقول الحق مع احتمال الضرر فى المال والبدن. وقال بعضهم: اصبروا تحت حكمى، وصابروا فى الجهاد مع أعدائى، ورابطوا قلوبكم بموافقتى ورضائى. وقيل: اصبروا قال: الصبر يوجب الرضا والرضا يوجب الحياء والحياء يوجب الغنى. قال جعفر الصادق رحمه الله: اصبروا عن المعاصى، وصابروا على الطاعات، ورابطوا الأرواح بالمشاهدة، واتقوا الله بحسن الانبساط مع الحق عز وجل، لعلكم تفلحون: تبلغون مواقف أهل الصدق فإنه محل الفلاح. وقال بعضهم: اصبروا بجوارحكم على الطاعات وصابروا مع الله، ورابطوا أسراركم بالحقائق لعلكم تجردون من همومكم وخطراتكم. قال الجنيد رحمه الله: الصبر حبس النفس على المكروه.