الرئيسية - التفاسير


* تفسير حقائق التفسير/ السلمي (ت 412 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلصَّابِرِينَ وَٱلصَّادِقِينَ وَٱلْقَانِتِينَ وَٱلْمُنْفِقِينَ وَٱلْمُسْتَغْفِرِينَ بِٱلأَسْحَارِ }

قال أحمد بن عاصم الأنطاكى: الصَّابرُ غيرُ المتصَبر، لأن الصَّابرَ المستسلِمُ فى كلِّ أمُورهِ ومساكنُ القلبِ فيه محفوظاً، والمتصَبّر ما رُددتَ فيه إلى حَالِكَ وعجزك يكابد نفسه فى الصبر على المكاره.

قال أبو حفص: الصبر ما كنت فيه محفوظًا، والتصبر ما رددت فيه إلى حالك وعجزك.

قال عمرو المكى: ليس الصَّبرُ تَرك الاختيار على الله تعالى، لكن الصَّبر هو الثبات فيه وتلقى بلاه بالرحب والدعة.

قال عمرو: من صبَر على رؤية العوض يكونُ صَبرهُ مشوّبًا بعجز، وما هو بمتحقق فى الصبر، ومن صَبَر على رُؤية المنَّة يكون متلذذًا بالبلاء كتلذذه بالنعمة، إذ هما من عينٍ واحدة.

قال ابن عطاء: { ٱلصَّابِرِينَ } هُم الذين صَبَرُوا باللهِ تعالى فى طاعة اللهِ تعالى مع اللهِ تعالى، و { ٱلصَّادِقِينَ } هم الذين صَدقُوا ما عاهدوا الله عليه عن صدقٍ قويم واعتمادٍ صحيح وسّرٍ لا يشوبه شىء و { ٱلْقَانِتِينَ } هم الذين أطاعوا الله تعالى فى سِرِّهم وعلانيتهم، و { ٱلْمُسْتَغْفِرِينَ بِٱلأَسْحَارِ } هم الذين تتجافى جنوبهم عن المضاجع.

وقال بعضهم: الصابرين مع الله تعالى على موارد قضائه، والصادقين فى توحيدهم ومحبتهم والقانتين الراجعين إليه فى السراءِ والضراءِ والمنفقين ما سِواهُ له، والمستغفرين بالأسحار من أفعالهم وأحوالهم وأقوالهم. وقال بعضهم: الصابرين من صَدَّقَ ما أجاب به من لَفظه بَلى.