الرئيسية - التفاسير


* تفسير حقائق التفسير/ السلمي (ت 412 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلِ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلاَمٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ ٱلَّذِينَ ٱصْطَفَىٰ ءَآللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ }

قوله تعالى: { قُلِ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلاَمٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ ٱلَّذِينَ ٱصْطَفَىٰ } [الآية: 59].

قال سهل: خلق الله تعالى السرَّ، وجعل حياته فى ذكره، وخلق الظاهر وجعل حياته فى حمده وشكره وجعل عليهما الحقوق وهى الطاعات.

وقال سهل فى قوله: { سَلاَمٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ ٱلَّذِينَ ٱصْطَفَىٰ } قال: هم أهل القرآن يلحقهم من الله السلام فى العاجل بقوله: { سَلاَمٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ ٱلَّذِينَ ٱصْطَفَىٰ } وسلام فى الأجل وهو قوله:سَلاَمٌ قَوْلاً مِّن رَّبٍّ رَّحِيمٍ } [يس: 58].

قال الحسن: ما من نعمة إلا والحمد أفضل منها، والحمد النبى عليه السلام، والمحمود الله جل جلاله، والحامد العبد والحميد حاله الذى يوصل بالمزيد.

وقال ابن عطاء رحمه الله: فى قوله: { سَلاَمٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ } قال: من سلم الله عليه فى الأزل سلم من المكاره فى الأبد.

وقال: قرأت هذه الآية بين يدى جعفر بن محمد فبكى ثم قال: سبحان من اصطفاهم لمعرفته، وسلام عليهم قبل المعرفة.

قال بعضهم فى قوله: { سَلاَمٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ ٱلَّذِينَ ٱصْطَفَىٰ } قال عند دخول الجنة بقول:سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ } [الرعد: 24].

وقال الواسطى رحمه الله: لم يجعل الحق وسيلة إلى نفسه غير نعته ولا اختصاصًا غير ذاته بقوله: { سَلاَمٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ ٱلَّذِينَ ٱصْطَفَىٰ } فلم يجعل هاهنا اسم نعت، وجعل اسم حقيقة لأن الهاء تخبر عن حقيقة الذات لا غير.

وقال: السلام على خبرين: من جهة الرضوان، ودار السلام، والسلام سلَّمهم من شواهدهم، والسلام للأكابر سلمهم بشاهده عن أن يتعلقوا بشواهدهم، ويجعلوها سبب الوسائل إلى السلامة.

وقال بعضهم فى قوله: { قُلِ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ } ولم يقل " رب العالمين " قيل: ترك " رب العالمين " ها هنا طاعة، وربما يكون ترك الطاعة فى بعض الأوقات نفس الطاعة وقيل فى قوله: { سَلاَمٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ ٱلَّذِينَ ٱصْطَفَىٰ } الذين نوَّرهم بنور الايمان، وقدسهم بضياء التوفيق ودلَّهم منه عليه.

قال الواسطى رحمه الله: خص الحق الخلق بخصوصيته حيث أضافهم إلى نفسه بقوله: { سَلاَمٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ ٱلَّذِينَ ٱصْطَفَىٰ } فجعل للاسم اسم حقيقة لا اسم نعت أبدًا لهم من فضله قبل أن أظهره عليهم.