الرئيسية - التفاسير


* تفسير حقائق التفسير/ السلمي (ت 412 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ ٱلَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ ٱلْكِتَابِ أَنَاْ آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرّاً عِندَهُ قَالَ هَـٰذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِيۤ أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ }

قوله تعالى: { قَالَ ٱلَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ ٱلْكِتَابِ أَنَاْ آتِيكَ بِهِ } [الآية: 40].

قال بعضهم: هو آصف نظر إلى عين الجمع، وتكلم عن حقيقة جمع الجمع فقال: أنا آتيك به، والهاء راجع إلى الحق أى بالله عونه ونصرته، وقيل: على لسان الجمع أيضًا أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك قال بعضهم: فى قوله { ٱلَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ ٱلْكِتَابِ } أى أنظر فى الغيب، وعلمٌ لمجارى الغيوب فعلم أن الله يريد أن يأتى سليمان عليه السلام بذلك فأخبر عن حقيقة الغيب.

وقال ابن عطاء: أنا آتيك به أى بالله لا بالحيل.

قوله تعالى: { هَـٰذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِيۤ أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ } [الآية: 40].

قال أبو بكر بن طاهر: أحسن عباد الله حالاً من يرى فضل الله عليه فى كل أوقاته ولا يغفل عن شكر إنعامه وزوائد منته لديه.

وقال جعفر: من رأى فضل الله عليه أرجو أن لا يهلك.

قوله تعالى: { وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ } [الآية: 40].

ليس للخلق فيه شىء بأواصله يدعوكم ليغفر لكم ومن كفر فإن ربى غنىٌ كريم عن شكر الشاكرين وقيام القائمين وذكر الذاكرين.

سمعت محمد بن عبد الله يقول: سمعت الشبلى يقول: الشكر هو الخمود تحت المنة.

قال الواسطى: فى شكر إبطال رؤية الفضل كيف يوازى شكر الشاكرين فضله، وفضله تميم وشكرهم محدث؟ { وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ } لأنه غنى عنه وعن شكره.

فال الجنيد رحمه الله: الشكر فيه علة لأنه يطلب لنفسه المزيد، وهو واقف مع رؤية حظ نفسه قال الله تعالى: { وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ } أى طالب للمزيد.

وقال ابن عطاء: من شكر فإنما يشكر لنفسه، ومن تزكى فإنما يتزكى لنفسه، وإن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم. قال ليس للحق فيه قليلٌ، ولا كثير فإنه أجل من أن يلحقه ثناء مُثنٍ، أو شكر شاكر أخبر أن العلو، والشرف، والجلال له دونهم.

قال الواسطى رحمه الله: دعا خلقه إلى شكره ثم قطعهم عنه جملة بقوله: { وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ } أى: ما كان منكم فهو لكم، وما كان منى فهو إليكم ليكون محل الشكر موجبًا للشكر لئلا تبرأ عن النفس عند ذلك.