الرئيسية - التفاسير


* تفسير حقائق التفسير/ السلمي (ت 412 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَتْ إِنَّ ٱلْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُواْ قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوۤاْ أَعِزَّةَ أَهْلِهَآ أَذِلَّةً وَكَذٰلِكَ يَفْعَلُونَ }

قوله تعالى: { إِنَّ ٱلْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُواْ قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا } [الآية: 34].

قال جعفر الصادق: أشار الى قلوب المؤمنين أن المعرفة إذا دخلت القلوب زالت عنه الأمانى، والمرادات أجمع فلا يكون فى القلب محل لغير الله.

قال ابن عطاء رحمه الله: إذا ظهر سلطان الحق، وتعظيمه فى القلب تلاشت الغفلات واستولت عليه الهيبة والأحوال فلا يبقى فيه تعظيم لشىء سوى الحق ولا يشغل جوارحه إلا بطاعته، ولسانه إلا بذكره، ولا قلبه إلا بالإقبال عليه.

سئل بعضهم: عن نعت العارف فقال: إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها أى يفسدوا ما لغيرهم فيها وجعلوا الحظوظ كلها حظًا واحدًا.

وقال الواسطى: فى قوله: { إِنَّ ٱلْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُواْ } الآية أى عطلوها عما سواه وجعلوا أعزة أهلها أذلة كما كان أعز فى عينه وقلبه صار ذليلاً طريدًا عن قلبه، وحق لهم ذلك وقد غيبهم حال عن كل وارد فى الحال فأسرارهم عن سرهم نافذة وأماكنهم عن أماكنهم عليه لأن الحق لاحظهم بعناية القدرة واشتمال التولى والنصرة فحمل عنهم ما حملهم من أثقال هدايته، وولايته قوله تعالى: { بَلْ أَنتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ } [الآية: 36].

قال جعفر: الدنيا أصغر عند الله وعند أنبيائه وأوليائه من أن يفرحوا بها ويحزنوا عليها.