الرئيسية - التفاسير


* تفسير حقائق التفسير/ السلمي (ت 412 هـ) مصنف و مدقق


{ حَتَّىٰ إِذَآ أَتَوْا عَلَىٰ وَادِ ٱلنَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يٰأَيُّهَا ٱلنَّمْلُ ٱدْخُلُواْ مَسَاكِنَكُمْ لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ }

{ حَتَّىٰ إِذَآ أَتَوْا عَلَىٰ وَادِ ٱلنَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يٰأَيُّهَا ٱلنَّمْلُ ٱدْخُلُواْ مَسَاكِنَكُمْ } [الآية:18].

سمعت أبا الحسن السلامى يقول: تكلمت النملة بعشرة أجناس من الكلام نادت، ونبهت، وسمعت، وأمرت ونصت وجددت، وخصت، وعمت، وأشارت وعذرت، أما النداء فـ " يا " وأما التنبه فـ " يا أيها " ، وأما سمعت فقولها " النمل " ، وأما أمرت فقولها " أدخلوا " وأما نصّت فقولها " مساكنكم " ، وأما جددت فقولها " لا يحطمنكم " ، وأما خصت فقولها " سليمان " ، وأما عمت فقولها " وجنوده " ، وأما أشارت فقولها " وهم " ، وأما عزرت فقولها " لا يشعرون " ، وأدت خمس حقوق: حق الله، وحقًا له، وحقًا لها، وحقًا لكم، فحق الله أنها استرعيت على النمل فرعتهم وأما حقًا له فأدت حق سليمان فى تنبيهه على حق النمل وأما حق لها فأنها أسقطت حق الله عنها فى تضحيتها لهم، وأما حق لهم فإنها نصحتهم حتى دخلوا مساكنهم وأما حق لكم فللخلق جميعًا فى استرعاء من رعاه الله حقه وحفظ ذلك عليهم قال النبى صلى الله عليه وسلم: " ألا كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ".

سمعت محمد بن عبد الله يقول: سمعت أبا بكر الحواس قال: سمعت محمد بن على الترمذى يقول: لم يضحك سليمان فى عمره إلا مرتين مرة يوم أُخذ الضحاك، ومرة حين أشرف على واد النمل، وذلك أنه رأى النمل على كبر الثعالب لها خراطيم وأنياب، فقال رئيس النمل للنمل: { ٱدْخُلُواْ مَسَاكِنَكُمْ لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } فخرج كبير النمل فى عظم الجواميس فلما نظر إليه سليمان هاله فأراه الخاتم فخضع له ثم قال له هذه كلها نملٌ فقال: إن النمل أكثر من ذلك إنها ثلاثة أصناف صنف من الجبال، وصنف من القرى، وصنف من المدن. فقال سليمان: اعرضها علىّ، فقال له: قف ثم نادى ملك النمل فأقبلت كراديس وعساكر فبقى سليمان سبعين يومًا واقفًا تمر هى عليه، فقال: هل انقطعت عساكرهن فقال ملك النمل: لو وقفت إلى يوم القيامة ما انقطعت.

سمعت الحسين بن يحيى يقول: سمعت جعفر الخلدى يقول: سمعت الجنيد رحمه الله يقول: قال سليمان عليه السلام لعظيم النمل لم قلت للنمل: ادخلوا مساكنكم، أخفت عليهم منى ظلمًا؟ قال: لا، ولكن خشيت أن يفتنوا بما يروا من ملكك فيشغلهم ذلك عن طاعة ربهم.