قوله تعالى وتقدس: { قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ * قَالَ رَبُّ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ } [الآية: 23-24]. قال عمرو المكى: لما سأل فرعون هذا السؤال؟ أجابه موسى بقوله: { رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَآئِكُمُ ٱلأَوَّلِينَ } فعلم فرعون أن الحجة قد وجبت فخاف الافتضاح عند قومه فأعرض عن مسائلة موسى ورجع إلى قوله تعالى: { إِنَّ رَسُولَكُمُ ٱلَّذِيۤ أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ * قَالَ رَبُّ ٱلْمَشْرِقِ وَٱلْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَآ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ } [الآية: 27، 28]. يبين بذلك حجته ويظهر افتضاحه فى انقطاعه. فقلبت الحجة عليه إذ لم يدفع الحجة بحجة، وهذا مثل ما حكى الله تعالى عن فرعون فى قصة أخرى حيث سأل موسى وهارون{ فَمَن رَّبُّكُمَا يٰمُوسَىٰ قَالَ رَبُّنَا ٱلَّذِيۤ أَعْطَىٰ كُلَّ شَيءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ } [طه: 49-50] فانقطع فرعون ولزمته الحجة فأقبل يسأل متعنتًا{ فَمَا بَالُ ٱلْقُرُونِ ٱلأُولَىٰ } [طه: 51] فلم يجب له على موسى جواب لأنه انقطع عن إجابة الحق بعد استبانة الحجة فرده إلى تقليد العلم الإلهى فقال:{ عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي } [طه: 52].