الرئيسية - التفاسير


* تفسير حقائق التفسير/ السلمي (ت 412 هـ) مصنف و مدقق


{ تَبَارَكَ ٱلَّذِي جَعَلَ فِي ٱلسَّمَآءِ بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجاً وَقَمَراً مُّنِيراً }

قوله تعالى: { تَبَارَكَ ٱلَّذِي جَعَلَ فِي ٱلسَّمَآءِ بُرُوجاً } [الآية: 61].

قال محمد بن الفضل: فى كتاب رياضة النفس ما أعطى من خزائن الأرض، وما أرى منها زويت لى الأرض أتيت بمفاتيح خزائن الأرض، وهذه مفاتيح الدنيا وهو على معنيين أحدهما: عرض عليه الحياة فيها إلى يوم القيامة. فقال: " الرفيق الأعلى " والآخرة أن مشيئته فيها نافذة يحكم فيها بما شاء فقال: بل أبيت عند ربى أشبع يومًا، وأجوع يومًا.

سمعت منصور بن عبد الله يقول: سمعت أبا القاسم الأسكندرانى يقول: سمعت أبا جعفر الملطى عن على بن موسى الرضا عن أبيه عن جعفر بن محمد رحمه الله فى قوله: { تَبَارَكَ ٱلَّذِي جَعَلَ فِي ٱلسَّمَآءِ بُرُوجاً } قال: سمى السماء سماء لرفعتها والقلب سماء لأنه يسمو بالإيمان، والمعرفة، بلا حد، ولا نهاية كما أن المعروف لا حد له كذلك المعرفة به لا حد لها، وبروج السماء مجارى الشمس والقمر وهى: الحمل، والثور، والجوزاء، والسرطان، والأسد، والسنبلة، والميزان، والعقرب، والقوس، والجدى، والدلو، والحوت، وفى القلب بروج وهو برج الإيمان، وبرج المعرفة، وبرج العقل، وبرج اليقين، وبرج الإسلام، وبرج الإحسان، وبرج التوكل، وبرج الخوف، وبرج الرجاء، وبرج المحبة، وبرج الشوق، وبرج الوله، فهذه اثنا عشر برجًا بها دوام صلاح القلب كما أن الاثنى عشر برجًا من الحمل والثور إلى آخر العدد صلاح الدار الفانية وأهلها.

قوله تعالى: { وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجاً وَقَمَراً مُّنِيراً } [الآية: 61].

فى السماء سراج الشمس، ونور القمر، وفى القلب سراج الإيمان والأقدار بالوحدانية والفردانية، والصمدانية، وقمر المعرفة يشرق بأنوار الأزلية والأبدية مثلاً لأنوار المعرفة وإيمانه على لسانه بالذكر وعلى عينه العزة، وعلى جوارحه بالطاعة والخوف وتلك الأنوار من تمام تولية الله للعبد فى الأحوال كلها.