الرئيسية - التفاسير


* تفسير حقائق التفسير/ السلمي (ت 412 هـ) مصنف و مدقق


{ وَتَوَكَّلْ عَلَى ٱلْحَيِّ ٱلَّذِي لاَ يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَىٰ بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيراً }

قوله جل جلاله: { وَتَوَكَّلْ عَلَى ٱلْحَيِّ ٱلَّذِي لاَ يَمُوتُ } [الآية: 58].

قال بعضهم: التوكل استيلاء الوجد على الإشارة، وحذف التشرف إلى الإرفاق حتى تبتدأ.

قال بعضهم: الدنيا فانية والآخرة باقية، والأرزاق مفروغ منها فعلى ماذا أتوكل إنما توكلى عليه بأن لا يعذبنى ولا يبعدنى من قربه.

قال أبو موسى الديبلى: التوكل هو أن يستوى عندك البادية، وباب الطاق.

قال بعضهم: التوكل أن تكون مثل الطفل لا يعرف شيئًا يأوى إليه، ولا يرى إلا أمه كذلك المتوكل يجب ألا يرى لنفسه مأوى إلا الله.

قال بعضهم: الاعتماد على الغنى غايته الفقر والاعتماد على القوة آخره الضعف، والاعتماد على الخلق هو طريق الخذلان، ومن اعتمد سوى ربه وتوكله على غيره، فقد ضيَّع وقته، وخاب سعيه لأنه الحى الذى لا يجرى عليه فتور العوارض دعاك إليه باللطف دعوة فقال: { وَتَوَكَّلْ عَلَى ٱلْحَيِّ ٱلَّذِي لاَ يَمُوتُ }.

قال الواسطى رحمه الله: من توكل على الله لعلة غير الله فلم يتوكل على الله.

سمعت أبا الطيب الشيرازى يقول: سمعت أبا الطيب الطمانى يقول: اختلف الناس فى التوكل فوقع لى أنه الكف عن الأعيان فى السر والعلانية والسكون الى الحرة بلا واسطة.

وسمعت محمد بن الحسين يقول: سمعت جعفر بن محمد الخلدى يقول: سمعت أبا محمد الجويدى يقول: سمعت سهل بن عبد الله يقول: من طعن على الاكتساب فقد طعن على السنة ومن طعن على التوكل فقد طعن على الإيمان.

سمعت الحسين بن يحيى يقول: سأل رجل ابن سالم أنحن مستعبدون بالكسب سنته وإنما سنَّ لهم الكسب لضعفهم حين أسقطوا عن درجه التوكل الذى هو حاله فلما سقطوا عنه لم يسقطهم عن درجة طلب المعاش بالمكاسب التى هو سنته، ولولا ذلك لهلكوا.

سمعت محمد بن عبد الله الرازى يقول: سمعت أبا على المروزبارى يقول: التوكل على ثلاث درجات الأول: منها إذا أعطى شكر، وإذا منع صبر، والثانى المنع والعطاء عندهم واحدٌ، والثالث: المنع مع الشكر أحب إليهم من اختيارهم.

سمعت منصور بن عبد الله يقول: سمعت أبا عثمان الآدمى يقول: سمعت إبراهيم الخواص يقول: لا ينبغى للصوفى أن يتعرض للقعود عن الكسب إلا أن يكون رجلاً مغلوبًا قد أغبنه الحال عن المكاسب، وأما ما كانت الحاجات فيه قائمة، ولم يقع له عروق يحول بينه وبين التكلف فالعمل أولى به والكسب أحل له، وأبلغ لأن القعود لا يصلح لمن لم يستغن عن التكلف.

سمعت عبد الله بن على يقول: سمعت أحمد بن عطاء يقول: قال خالى: ليس التوكل لزوم الكسب ولا تركه، إنما التوكل طمأنينة فى القلب.

سمعت أبا الحسين الفارس يقول: سمعت إبراهيم القائد يقول: سئل رويم: عن التوكل؟ فقال: الثقة بالله فى كل ما ضمن.

سمعت محمد بن عبد الله يقول: سمعت أبا عبد الله القرشى يقول: المتوكل من رضى بالله كفيلاً فاطمأن إليه سرًا وجهرًا.

سمعت عبد الله بن على يقول: سمعت محمد بن عبد الله الفرغانى يقول سمعت أبا جعفر الحداد يقول: مكثت تسع عشرة سنة أعتقد التوكل، وأنا أعمل فى السوق وآخذ كل يوم أجرتى ولا أستريح منها الى شربة ماء، ولا إلى دخلة حمام أتنظف بها وكنت أجنى أجرتى إلى الفقراء فأواسيهم بها فى الشويزيه، وغيرها وأكون أنا على حالى.