الرئيسية - التفاسير


* تفسير حقائق التفسير/ السلمي (ت 412 هـ) مصنف و مدقق


{ وَنَضَعُ ٱلْمَوَازِينَ ٱلْقِسْطَ لِيَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ فَلاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَىٰ بِنَا حَاسِبِينَ }

قوله تعالى: { وَنَضَعُ ٱلْمَوَازِينَ ٱلْقِسْطَ لِيَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ } [الآية: 47].

قال القاسم: الأعمال والموازين شتى، والعدل ميزان الله فى الأرض، فمن وزن أعماله بميزان العدل فهو من العابدين، ومن وزن حركاته بميزان العدل فهو من المخبتين، ومن وزن خطراته وأنفاسه بميزان العدل فهو من العارفين، وميزان العدل في الدنيا ثلاثة: ميزان النفس والروح، وميزان القلب والعقل، وميزان المعرفة والسّر. فميزان النفس والروح: الأمر والنهى، وكفتاه الوعد والوعيد. وميزان القلب والعقل: الإيمان والتوحيد، وكفتاه الثواب والعقاب. وميزان المعرفة والسّر: الرضا والسخط، وكفتاه الهرب والطلب. فمن وزن أفعال النفس والروح بميزان الأمر والنهى بكفة الكتاب والسُّنّة ينال الدرجات في الجنان، ومن وزن حركات القلب والعقل بميزان الثواب والعقاب بكفّة الوعد والوعيد أصاب الدرجات ونجا من جميع المشقات، ومن وزن خطرات المعرفة والسّر بميزان الرضا والسخط بكفة الهرب والطلب نجا من الذى هرب، ووصل إلى ما طلب، فيصير عيشه في الدنيا على الهرب، وخروجه منها على الطلب، وعاقبته إلى غاية الطرب، فمن أراد الوصول إلى المسبب فعليه بالهرب من السبب، فإن السبب حجاب كل طالب.