الرئيسية - التفاسير


* تفسير حقائق التفسير/ السلمي (ت 412 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ رَبِّ ٱشْرَحْ لِي صَدْرِي } * { وَيَسِّرْ لِيۤ أَمْرِي } * { وَٱحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي }

قوله تعالى: { رَبِّ ٱشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِيۤ أَمْرِي وَٱحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي } [الآية: 25-27].

قال ابن عطاء: لما كلم الله موسى عليه السلام لم يكن بعد ذلك فيه من الفضل أن يتكلم مع غيره فلما أمره الله عز وجل بالذهاب إلى فرعون، قال: واحلل عُقدة من لسانى إن لم تطلق لسانى أنت، وتحل هذه العُقدة عنه كيف يتهيأ لى الكلام مع مخلوقٍ بعد أن كلمتنى.

وقال ابن عطاء: اكشف لى عن صدرى حتى لا أشاهد غيرك، ويسر لى أمرى حتى لا أنظر، ولا أنطق إلا بمعرفتك، واحلل عقدة الإنسانية من لسانى حتى لا أتكلم إلا بما التقفته منك.

وقال أيضاً: أراد به العقدة النفسانية.

وقال جعفر: لما كلم الله موسى عقد لسانه موسى عن مكالمة غيره فلما أمره بالذهاب إلى فرعون فأجاب يسره فقال: واحلل عقدة من لسانى لأكون قائمًا بالأمر على أتم مقام.

قال ابن عطاء: اشرح لى صدرى " اكشف لى قلبى حتى لا أرى غيرك، وأقتنى عن نفسى حتى لا أرى غير فضلك ومعروفك، ويسر لى أمرى حتى لا أنطق بغير معرفتك وإحسانك، واحلل عقدة الإنسانية من لسانى حتى لا أتكلم إلا بما يقربنى منك.

سمعت منصور بن عبد الله الهروى يقول: سمعت أبا بكر بن عبد الله بن طاهر يقول: ضاق صدر موسى بخطاب الآدميين بعد موقفه مع ربه وكلامه فلما أرسله إلى فرعون قال رب اشرح لى صدرى هوِّن علىَّ مخاطبة غيرك بعد أن استعذتنى بخطابك.

سمعت منصور بن عبد الله يقول: سمعت أبا القاسم البزار يقول: قال ابن عطاء: فى قوله: { رَبِّ ٱشْرَحْ لِي صَدْرِي } لاستماع كلامك، ويسر لى أمرى بالوقوف معك واحلل عقدة لسانى النفسانية.

قال الجنيد رحمه الله فى قوله: { رَبِّ ٱشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِيۤ أَمْرِي وَٱحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي }. قال: ما سأل الله موسى إلا الأخلاق.

وقال الحسين: لما أزال الحق عنه التوقف وجاء إلى الله بالله ولم يبق عليه باقية بها يتمتع أقيم مقام المواجهة، وأطلق مصطنعة لسانه بطرًا إلى أليق الأحوال به فسأل قلبه، وشرح صدره لتتسع لمقام المواجهة والمخاطبة ثم نظر إلى أليق الأحوال به فإذا هو تيسر أمره فسأل ذلك على تمام الترقى به حاله إلى أرفع المقام وهو المجئ إلى الله بالله لعلمه بأن من وصل إليه لا يعترض عليه عارضة محال ثم نظر إلى أليق الأحوال به فسأل حل العقدة من لسانه ليكون إذ ذاك لنطقه وبيانه فلما تمت له هذه الأحوال صلح إلى الله وكان للمجيد ممن وفى المواقيت حقها غابت عنه الأحوال فلم يرها وذهبت عن عينه وظهوره وما عداها إلا ما كان للحق منه، ومعه حتى تحقق بقوله { قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يٰمُوسَىٰ }.

قال بعضهم: سأله حل عقدة الحياء عنه فإنه استحيى أن يخاطب عدو الله فرعون بلسان خاطب الحق.