الرئيسية - التفاسير


* تفسير حقائق التفسير/ السلمي (ت 412 هـ) مصنف و مدقق


{ فَأَكَلاَ مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ ٱلْجَنَّةِ وَعَصَىٰ ءَادَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ } * { ثُمَّ ٱجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَىٰ }

قوله تعالى: { فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا } [الآية: 121].

قال الحصرى: بدت لهما، ولم تبد لغيرهما لئلا يعلم الأغيار من مكافآت الجناية ما علما، ولو بدا للأغيار لقال: بدت منهما.

قوله تعالى: { وَعَصَىٰ ءَادَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ }.

قال ابن عطاء: اسم العصيان مذمة، إلا أن الاجتباء والاصطفاء منعا أن يلحق آدم اسم المذمة بحال.

قال جعفر: طالع الجنان ونعيمها بعينه فنودى عليه إلى يوم القيامة { وَعَصَىٰ ءَادَمُ } ولو طالعها بقلبه لنودى عليها بالهجران أبد الآبد، ثم عطف عليه ورحمه بقوله تعالى: { ثُمَّ ٱجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ... } [الآية: 122].

وقال بعضهم: سبقت الاصطفائة والاجتبائة من الحق لآدم فلم تؤثر فيه سمة العصيان، ولا يخطر الأمر بالنسيان لأن اصطفائيته فى الأزل رَدَّ إلى الاجتبائية فى الأبد وهو فى قوله تعالىإِنَّ ٱللَّهَ ٱصْطَفَىٰ ءَادَمَ } [آل عمران: 33] وقوله: { ثُمَّ ٱجْتَبَاهُ رَبُّهُ } فالاصطفاء أوجب له الاجتباء.

وقال بعضهم: عصى آدم فعوقب أولاده بثلاث: ما ولدوا يموت، وما يبنوا يُهدم، وما يصلوا يُقطع.

قوله تعالى: { ثُمَّ ٱجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَىٰ }.

قال الواسطى رحمة الله عليه: العصيان لا يؤثر فى الاجتبائة. وقوله: { وَعَصَىٰ ءَادَمُ رَبَّهُ } أى أظهر أخلاقًا ثم أدركته الاجتبائة، فأزالت عنه مذمة العصيان ألا ترى كيف أظهر عذره بقوله: { فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً } وكيف يعزم على المخالفة من هو فى ستر العصمة وخصوصية الاصطفاء والاجتباء.