الرئيسية - التفاسير


* تفسير حقائق التفسير/ السلمي (ت 412 هـ) مصنف و مدقق


{ يَٰبَنِي إِسْرَائِيلَ ٱذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ ٱلَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِيۤ أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّٰيَ فَٱرْهَبُونِ }

قوله تعالى: { يَابَنِي إِسْرَائِيلَ ٱذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ ٱلَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ }.

قال بعضهم: ربط بنى إسرائيل بذكر النعم، وأسقط عن أمة محمد صلى الله عليه وسلم ذلك ودعاهم إلى ذكره فقال { فَٱذْكُرُونِيۤ أَذْكُرْكُمْ } [البقرة: 152] ليكون نظر الأمم من النعمة إلى المنعم، ونظر أمة محمد صلى الله عليه وسلم وآله وسلم من المنعم إلى النعم.

وقال سهل بن عبد الله: أراد الله أن يخص أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم بزيادة على الأمم كما خص نبيهم صلى الله عليه وسلم بزيادة على الأنبياء فقال للخليل صلى الله عليه وسلموَكَذَلِكَ نُرِيۤ إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ } [الأنعام: 75] وقطع سر محمد صلى الله عليه وسلم ورُؤيته عمن سواه فقال:أَلَمْ تَرَ إِلَىٰ رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ ٱلظِّلَّ } [الفرقان: 45].

قوله تعالى عز وجل: { وَأَوْفُواْ بِعَهْدِيۤ أُوفِ بِعَهْدِكُمْ }.

قال بعض البغداديين: أوفوا بعهدى الذى عهدتم فى الميثاق الأول بلفظة " بلى " ، فلا ترجعوا فى طلب شىء إلى غيرى.

وقيل: أوفوا بعهدى احفظوا ودائعى عندكم، لا تظهروها إلا عند أهلها، أوف بعهدكم أُبح لكم مفاتيح خزائنى وقربى فأنزلكم منازل الأصفياء.

وقيل أوفوا بعهدى فى أداء الفرائض على السنة والإخلاص، أوف بعهدكم بقبولها منكم ومجازاتكم عليها.

وقال ابن عطاء: أوفوا بعهدى فى حفظ الجلود ظاهرًا وباطنًا، أوف بعهدكم بحفظ أسراركم عن مشاهدة الأعيان.

وقال سهل: أوفوا بعهدى فى مجاهدة أنفسكم، أوف بعهدكم لمعاونتكم عليها.

وقال أبو عثمان: أوفوا بعهدى فى حفظ آداب الظواهر، أوف بعهدكم بتزين سرائركم.

وقال بعضهم: أوفوا بعهدى في التوكل، أوف بعهدكم بكفاية مهماتكم. وقال بعض العراقيين: أوفوا بعهدى كونوا لى خلقاً، أوف بعهدكم أكن لكم حقًا.

قال أبو الحسن الوراق: أوفوا بعهدى فى العبادات، أوف بعهدكم أوصلكم إلى منازل الدعايات. سُئل الثورى عن فهم هذه الآية أوفوا بعهدى قال: أوفوا بعهدى فى دار محبتى على بساط خدمتى بحفظ حرمتى، أوف بعهدكم فى دار نعمتى على بساط قربى بسرور رؤيتى.

قوله تعالى: { وَإِيَّايَ فَٱرْهَبُونِ }.

الرهبة: هى خشية القلب من روى خواطره وقال سهل: وإياى فارهبون موضع اليقين ومعرفته وإياى فاتقون، موضع العلم السابق وموضع المكر والاستدراج.