الرئيسية - التفاسير


* تفسير حقائق التفسير/ السلمي (ت 412 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱللَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْحَيُّ ٱلْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ مَن ذَا ٱلَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَآءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ ٱلْعَلِيُّ ٱلْعَظِيمُ }

قوله عز وجل: { ٱللَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْحَيُّ ٱلْقَيُّومُ } [الآية: 255].

سئل أبو منصور عن هذا فقال: لا إله إلا الله يقتضى شيئين: إزالة العلة عن الربوبية وتنزيه الحق عن الدرك.

وقال بعضهم: يحتاج قائل لا إله إلا الله إلى أربع خصال: تصديقٌ وتعظيمٌ وجلاوةٌ وحرمةٌ، فمن لم يكن له تصديقٌ فهو منافقٌ، ومن لم يكن له تعظيمٌ فهو مبتدعٌ، ومن لم يكن له جلاوةٌ فهو مراءٍ، ومن لم تكن له حرمة فهو فاسقٌ.

وقال بعضهم: يحتاج قائلها أن يترك الشكوى فى وقت المحن، ويترك المعصية فى وقت النعمة، ويترك الغفلة عند الفكرة.

وقيل لأبى الحسين النورى: لم لا تقول: لا إله إلا الله فقال: بل أقول: الله ولا أبغى به ضدًا.

وقال بعضهم: من قالها وفى قلبه رغبةٌ أو رهبةٌ أو طمعٌ أو سؤالٌ فهو مُشركٌ فى قوله.

وقيل فى قوله: { ٱلْحَيُّ ٱلْقَيُّومُ } اجعله مراقبًا فى قيوميته عليك وعلى جميع العالم.

وقيل: إنه قيومٌ بحفظ أذكاره على أسرار أهل صفوته، الحى القيوم الذى أحيا كلَّ حى عن عدمٍ، وهو الحى الذى لم يزل.

والقيومُ: القائم على كل نفسٍ بما كسبت، وقيل: القيوم القائم بكفاية عباده ليغنيهم به عن غيره.

قوله تعالى: { لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ }.

قال بعضُ البغداديين: وأنى تأخذُ السنةُ من كان ولا سنة وأوجد السنة قهرًا لعباده ونقصًا ارتبط الأشياء بأضدادها وانفرد هو عن الأحوال لأنه مُحوّلُهَا.

قوله تعالى: { مَن ذَا ٱلَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ }.

جذب به قلوب عباده إليه فى العاجل والآجل.

وقال الواسطى: لو جعل إلى نفسه وسيلة غير نفسه كان معلولاً، ومن تزين بإخلاصه ومحبته ورضاه توسل بصفاته إلى من لا وسيلة إليه إلا به، قال الله تعالى { مَن ذَا ٱلَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ }.

قوله تعالى: { وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ }.

صار علمه عزًا لا إحاطة بشىءٍ منه إلا ما خص به رسول الله أو صديقًا من علم لدُنى.

قوله تعالى: { وَسِعَ كُرْسِيُّهُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ }.

العرش والكرسى إظهارًا للقدرة لا محلاً للذات.

وقال أبو منصور فى قوله { مَن ذَا ٱلَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ } قال: وأى الشفيع إلى من لا يسعهُ غيره ولا يحجبه سواه.

قوله تعالى: { وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ ٱلْعَلِيُّ ٱلْعَظِيمُ }.

وصف نفسهُ بالامتناع عن اعتراض القواطع والعلل.