الرئيسية - التفاسير


* تفسير حقائق التفسير/ السلمي (ت 412 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِٱلْغَدَاةِ وَٱلْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلاَ تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَٱتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً }

قوله تعالى: { وَٱصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم } [الآية: 28].

قال ذو النون رحمه الله: أمر الله تعالى الأغنياء بمجالسة الفقراء والصبر معهم والاستنان بسنتهم. قال الله تعالى: { وَٱصْبِرْ نَفْسَكَ } الآية.

قال عمرو المكى: صحبة الصالحين والفقراء الصادقين عين أهل الجنة يتقلب من الرضا إلى اليقين ومن اليقين إلى الرضا.

قال إبراهيم بن شيبان: فتوة أهل المعرفة دوام الاصطبار فى حصن الاضطرار مع أهل الصبر.

وقال ابن عطاء: خاطب الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم وعاتبه وأنَّبه وقال له اصبر على من صبر علينا بنفسه، وقلبه، وروحه، وهم الذين لا يفارقون محل الاختصاص من الحضرة بكرة وعشيًا فحق لمن لم يفارق حضرتنا أن نصير عليه فلا يفارقه.

قوله تعالى: { وَلاَ تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ } [الآية: 28].

قال الواسطى لا تعد عيناك عنهم إلى غيرهم فإنهم لا تعدو أعينهم منى طرفة عين.

قوله تعالى: { وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا } [الآية: 28].

قال القاسم: الغفلة غفلتان: غفلة نعمة، وغفلة عقوبة، فغفلة النعمة هى الرحمة التى فيها البقاء ولولا هى ما سكنت القلوب، ولا نامت العيون، ولا هدأت الجوارح، ولذابت الأرواح وبطلت الأجساد وانقلب الزمان والغفلة التى هى عقوبة فهى غفلة الإنسان عن ذكر ربه ونترك مراعاة أحواله مع الله بأن عليه رقيبًا من ربه بل ربّه الرقيب عليه فهذه غفلة عقوبة.

وسئل أبو عثمان: عن الغفلة؟ فقال: إهمال ما أمرت به ونسيان تواتر نعم الله عندك.

وقال بعضهم: الغفلة متابعة النفس على ما تشتهيها.

قال بعضهم: الغفلة عقوبة القلب، وهو حجابه عن المنعم.

وقال الجوزجانى: الغفلة هى طول الأمل.

وقال النورى: الغفلة سكون السر إلى شىء سوى الحق.

وقال ابن الجلاء: الغفلة ما يورثك الفترة.

وقال سهل: الغفلة إبطال الوقت بالبطالة.