قوله تعالى: { وَٱذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ } [الآية: 24]. قال ابن عطاء: إذا نسيت نفسك والخلق، فاذكرنى فإن الأذكار لا تمازج ذكرى قيل له: كيف بنا نفسه وخلقه؟ فقال: يرى أولهم هو ويرى آخرهم هو ويرى أنهم بلاهم حتى يكون ناسيًا للخلق والنفس من ذكرهم إياه. قال الواسطى رحمه الله: إذا نسيت ذكرى بى فاذكرنى. قال جعفر: إذا نسيت الأغيار فتقرب إلىّ بالأذكار. قال الجنيد رحمه الله: الذكر فناء الذاكر فيه، والذكر فى مشاهدة المذكور. سمعت منصور بن عبد الله يقول: سمعت أبا القاسم يقول: قال ابن عطاء فى قوله: { وَٱذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ } إذا انقطعت علائق الاتصال وبقيت الانفصال عن مشاهدة الأعواض حينئذ ذكرته بحقيقة ذكره. وقال الشبلى رحمه الله فى قوله: { وَٱذْكُر رَّبَّكَ }: ما هذا خطاب أهل الحقيقة وأنى ينسى المُحِق الحق فيذكره بل يذكره حيوته وكونه وأنشد:
لا لأنى أنساك أكثر ذكراك
ولكن بذاك يجرى لسانى
وقال بعضهم فى هذه الآية: تب إلى ربك إذا عصيت. وقال ابن عطاء: نسيان الأكابر إذا ورد المحق عليهم بحضوره. قال الجنيد رحمه الله: حقيقة الذكر الفناء بالمذكور عن الذكر لذلك قال الله تعالى: { وَٱذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ } أى إذا نسيت الذكر يكون المذكور صفتك. قوله تعالى: { وَقُلْ عَسَىٰ أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لأَقْرَبَ مِنْ هَـٰذَا رَشَداً } [الآية: 24]. قال الجنيد رحمه الله فى هذه الآية: إن فوق الذكر منزلة هو أقرب رشدًا ذكره له، وهو تجريد النعوت بذكره لك قبل أن يسبق إلى الله بذكره.