الرئيسية - التفاسير


* تفسير حقائق التفسير/ السلمي (ت 412 هـ) مصنف و مدقق


{ إِذْ أَوَى ٱلْفِتْيَةُ إِلَى ٱلْكَهْفِ فَقَالُواْ رَبَّنَآ آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّىءْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً }

قوله تعالى: { آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّىءْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً } [الآية: 10].

قال سهل بن عبد الله رحمه الله: ارزقنا ذكرك وشكرك على جميع الأحوال فهو جُل رحمة من عندك، وسهل لنا سبيل التوفيق فهو أرشد الطرق قوله تعالى: { لَوِ ٱطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَاراً } [الآية: 18].

قال جعفر: لو اطلعت عليهم من حيث أنت لوليت منهم فرارًا، ولو اطلعت عليهم من حيث الحق لشاهدت فيهم معانى الوحدانية والربانية.

وقال ابن عطاء رحمه الله: لو اطلعت عليهم أَتى على الأكوان بما فيها { لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَاراً } لصرفت البصر عنهم تبرمًا بهم فإنك مطالع لنا، ومطالع منا.

وقال ابن عطاء فى هذه الآية: إنه وردت عليهم أنوار الحق من فتون الخلع، وأظلتهم سرادقات التعظيم وأحدقت بهم جلابيب الهيبة لذلك قال لنبيه صلى الله عليه وسلم: { لَوِ ٱطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَاراً }.

وقال الحسين فى قوله: لو اطلعت عليهم لوليت منهم فرارًا.

قال: أنفة مما هم فيه من إظهار الأحوال عليهم وقهر الأحوال لهم مع مشاهدته من عظيم المحل فى القرب والمشاهدة فلم يؤثر عليك لجلالة محلك.

وقال جعفر: لو اطلعت على ما بهم من آثار قدرتنا ورعايتنا لهم وتولية حياطتهم لوليت منهم فرارًا. أى ما قدرت على الثبات لمشاهدة ما بهم من هيبتنا فيكون حقيقة الفرار منا لا منهم لأن ما يرى عليهم منا.

وقال أيضًا: لو اطلعت عليهم من حيث أنت. لفررت ولو اطلعت عليهم من حيث أنا لوقفت وذلك أن الولى له من الله أحوال على قدر مشاهدته من نظر إليه من عند نفسه من ضعف البشرية يفر من رؤيتهم وقد فرّ النبى صلى الله عليه وسلم من الكفار.

قال بعضهم: حين سئل عن الفرق بين أنوار هدايته وأنوار الملائكة؟ فقال: أنوار الملائكة أنوار كراماته وأنوار بنى آدم أنوار هدايته وهو نور ظاهر وباطن لذلك وقعت هيبته أكبر فقال: لو اطلعت عليهم لوليت منهم فرارًا. ولم يكن من أنوار الملائكة عند الحجب فرارًا كفرار الشيطان من عمر بن الخطاب رضى الله عنه.