الرئيسية - التفاسير


* تفسير حقائق التفسير/ السلمي (ت 412 هـ) مصنف و مدقق


{ ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَاتِ فَٱسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَآءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }

قوله عز وجل: { ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَاتِ } [الآية: 69].

أى من الذى جعلته رزقك ثم أمره بالتواضع.

فقال: { فَٱسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً } [الآية: 69].

ثم قال: { يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَآءٌ لِلنَّاسِ } [الآية: 69].

للنفوس لا للقلوب فمن أراد صلاح قلبه فليتعرف موارد ما يرد على قلبه فى الأوقات ومحل قلبه فى جميع الأحوال وما يسر فى قلبه فى كل زمان ثم ليلزم مع ذلك التواضع والخلوة فهذا غذاء للقلب وذاك غذاء النفس وغذاء الروح أعز وهو مشاهدة الحق والسماع منه وترك الالتفات إلى المكونات بحاله.

وقال ابن عطاء: جعل ما يخرج من النحل شيئين ممزوجين لا يصفيهما إلا النار فإذا صفيتهما النار صار عسلاً وشمعًا فالعسل هو غذاء الخلق وشفاؤهم والشمع للحرق لا غير ذلك كذلك العبد إذا أخلص عمله خلص له عمله، وما خالطه برياء وشرك لا يصلح إلا للنار.

قوله عز وجل: { يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ }.

قال أبو بكر الوراق: النحلة لما اتبعت الأمر وسلكت سبيلها على ما أمرت به جعل لعابها شفاء للناس، كذلك المؤمن إذا اتبع الأمر وحفظ السر وأقبل على ربه جعل رؤيته وكلامه ومجالسته شفاء للخلق فمن نظر إليه اعتبر ومن سمع كلامه اتعظ ومن جالسه سعد.