الرئيسية - التفاسير


* تفسير حقائق التفسير/ السلمي (ت 412 هـ) مصنف و مدقق


{ هُوَ ٱلَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ حَتَّىٰ إِذَا كُنتُمْ فِي ٱلْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُواْ بِهَا جَآءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَآءَهُمُ ٱلْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوۤاْ أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُاْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَـٰذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلشَّاكِرِينَ }

قوله تعالى: { هُوَ ٱلَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ } [الآية: 22].

قال ابن عطاء: سيَّر الأولياء بقلوبهم وسيَّر الأعداء بنفوسهم.

ومعنى البر: اللسان، ومعنى البحر القلب.

وقيل: ليسيركم فى برارى الشوق وبحار القربة، حتى إذا كنتم فى الفلك يعنى: فى القبضة والأسر وهبَّت رياح الكرم على المريدين الذين هم فى الطريق، وفرحوا بما تلحقهم من العناية والرعاية جاءتها ريح عاصف أتت عليهم من موارد القدرة ما أفناهم عن صفاتهم وحيرهم فى طريقهم، وجاءتهم أمواج القهر وقهرهم عما بهم وظنوا أنهم أحيط بهم توهموا أنهم من الهلكى فى الأمواج، وهم المطهرون الأخيار، دعوا الله مخلصين له الدين تركوا ما لهم وبهم وعليهم من الاختيار والتدبير ورجعوا إلى حد التفويض والتسليم فنجوا.

وقال بعضهم: سيَّر العباد والزهاد بالأنفس فى البر وهو الدرجات والمنازل، وسيَّر العارفين بالقلوب فى البحار وفيها الأمواج والأخطار، ولكن سير شهر فى يوم.

قال بعضهم: { هُوَ ٱلَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي ٱلْبَرِّ } هو الصفات، وفى البحر هو الاستغراق فى الذات.

قال بعضهم: يسيركم فى البر الاستدلالات بالوسائط، والبحر غلبات الحق بلا واسطة.

قوله تعالى: { دَعَوُاْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ }.

قال النورى: المخلص فى دعائه من لا يصحبه من نفسه شىء سوى رؤية من يدعوه.

وقال الجنيد رحمة الله عليه: الإخلاص ما أريد الله به أى عمل كان.

وقال رويم: الإخلاص ارتفاع رؤيتك من الفعل.

قال ابن عطاء: الإخلاص ما خلص من الآفات.

قال حارث: الإخلاص إخراج الخلق من معاملة الله.

قال ذو النون: الإخلاص ما حفظ من العدوان يفسده.

وسألت أبا عثمان المغربى عن الإخلاص فقال: الإخلاص ما لا يكون للنفس فيه حظ بحال، وهذا إخلاص العوام وإخلاص الخواص ما يجرى عليهم لا بهم، فتبدو الطاعات وهم عنها بمعزل، ولا يقع لهم عليها رؤية ولا بها اعتداء، فذلك إخلاص الخواص.

قال أبو يعقوب السوسى: الخالص من الأعمال ما لم يعلم به ملك فيكتبه ولا عدو فيفسده ولا تعجب به النفس.