الرئيسية - التفاسير


* تفسير حقائق التفسير/ السلمي (ت 412 هـ) مصنف و مدقق


{ صِرَاطَ ٱلَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ ٱلْمَغْضُوبِ عَلَيْهِم وَلاَ ٱلضَّآلِّينَ }

قوله تعالى: { صِرَاطَ ٱلَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ }.

صراط الذين أنعمت عليهم أى: مقام الدين. أنعمت عليهم بالمعرفة وهم العارفون، وأنعم على الأولياء بالصدق والرضا واليقين، وأنعم على الأبرار بالحلم والرأفة وأنعم على المريدين بحلاوة الطاعة، وأنعم على المؤمنين بالاستقامة، هذا قول ابن عطاء.

وحُكى عن أبى عثمان أنه قال: صراط الذين أنعمت عليهم بأن عَرَّفتهم مهالك الصراط ومكايد الشيطان وخيانة النفس.

وحُكى عن محمد بن الفضل أنه قال: صراط الذين أنعمت عليهم لقبول ما افترضت عليهم.

وقال أبو الحسن الوراق: صراط الذين أنعمت عليهم بالعناية على الاستقامة فى طريق مناجاتك.

وقال بعضهم صراط الذين أنعمت عليهم فى سابق الأزل بالسعادة.

وحُكى عن بعض البغداديين أنه قال: مَن أفنيته عن النظر إلى النعمة بدوام التنعم بقربك ومؤانستك.

وقال بعضهم: صراط الذين أنعمت عليهم بالنظر إلى جريان ما جرى عليهم فى الأزل فلم يشغلهم كشف ذلك لهم عن الشغل بك.

وحُكى عن مالك بن أنس أنه سئل عن قوله { صِرَاطَ ٱلَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ } فقال: متابعة النبى صلى الله عليه وسلم.

وقال بعضهم: صراط الذين أنعمت عليهم بالإيمان والهداية والتوفيق والرعاية والمراقبة والكلاءة.

وقال جعفر بن محمد: صراط الذين أنعمت عليهم بالعلم بك والفهم عنك.

وقال بعض البغداديين: صراط الذين أنعمت عليهم بفناء حظوظهم وقيامهم معك حسن الأدب.

وقيل: صراط الذين أنعمت عليهم بمشاهدة المنعم بغير النعمة.

وقيل: صراط الذين أنعمت عليهم بالإسلام ظاهرًا والإيمان باطنًا. قال الله تعالىوَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً } [لقمان: 20] وقيل: صراط الذين أنعمت عليهم بإزالة ظلمات الأكوان عن سرائرهم وطهرت أرواحهم بنور قدسك فشاهدوك بهممهم، ولم يشاهدوا معك سواك.

وقال محمد بن على: صراط الذين أنعمت عليهم قال الذين زممت جوارحهم بالهيبة عند خدمتك.

وقيل: صراط الذين أنعمت عليهم من غيبك المستتر بأنوار هدايتك.

وقيل: صراط الذين أنعمت عليهم بعبادتك على المشاهدة. كما روى عن النبى صلى الله عليه وسلم " أن تعبد الله كأنك تراه ". وسُئل سهل بن عبد الله عن قوله صراط الذين أنعمت عليهم قال: متابعة السُّنة.

وقيل أيضاً: صراط الذين أنعمت عليهم بأن أذنت لهم فى مناجاتك وسؤالك.

أخبرنا نصر بن محمد الأندلسى قال: حدثنا أبو عمر أحمد بن هلال بن نزار العطار قال: حدثنا الحسن بن محمد بن حيان الفريانى قال: حدثنا أحمد بن عبد الواحد قال: حدثنا محمد بن ميمون قال حدثنا معاذ بن هلال قال: حدثنا إسماعيل بن حسام عن الحسن فى قوله صراط الذين أنعمت عليهم قال: أبو بكر وعمر رضى الله عنهم.

قوله تعالى: { غَيْرِ ٱلْمَغْضُوبِ عَلَيْهِم وَلاَ ٱلضَّآلِّينَ }.

قال ابن عطاء: غير المخذولين ولا المطرودين ولا المهانين ولا الضالين الذين ضلوا عن طريق هدايتك ومعرفتك وسبيل ولايتك.

السابقالتالي
2