قيل معناه: مِلّ بقلوبنا إليك وأقم بهممنا بين يديك وكن دليلنا منك إليك؛ حتى لا ينقطع عما بك لك. وقيل: اهدنا الصراط المستقيم أى: أرشدنا إلى طرق المعرفة؛ حتى نستقيم معك بخدمتك فهذا دعاء المريدين فى هذه الآية. وقيل: اهدنا أى: أرنا طريق هدايتك كى نستقيم معك على توحيدك فهذا دعاء المؤمنين. وقيل: اهدنا أى: أرنا طريق أنسك فنفرح ونطرب بقربك فهذا دعاء العارفين. وقيل: اهدنا بك إليك، لنستعين ببدايتك عن وسائط المقامات والمجاهدات. وقيل: اهدنا بفناء أوصافنا فبنا الطريق إلى أوصافك التى لم تزل ولا تزال. وقيل: اهدنا بكشف الغفلة عنا طريق الوصول إلى رضاك. وقيل: اهدنا هدى العيان بعد البيان؛ لنستقيم لك على حب إرادتك فينا. وقيل: اهدنا هدى من أنت المتولى لهدايته طريق حقيقة معرفتك؛ لنستقيم لك بفناء أوصافنا فيك. وقيل: اهدنا هدى من يكون منك مبداه؛ حتى يكون إليك منتهاه. وقيل: اهدنا أى: اكشف عنا ظلمات أحوالنا لننظر فى خفى غيبك نظرة الاستقامة. وقيل: اهدنا الصراط المستقيم بالغيبوبة عن الصراط ليلاً يكون من يوطأ بالصراط. وقيل: اهدنا بك ولا تشغلنا بموارد الصراط والاستقامة عنك. حُكى عن أبى عثمان فى قوله: اهدنا الصراط المستقيم أى: أرشدنا لاستعمال السنن فى أداء فرائضك. حُكى عن فُضيل بن عياض فى قوله اهدنا الصراط المستقيم قال: طريق الحج صراط الذين أنعمت عليهم من الأنبياء والأولياء غير المغضوب عليهم ولا الضالين غير اليهود والنصارى، فإنك قطعت عليهم طريق الحج بقولك:{ فَلاَ يَقْرَبُواْ ٱلْمَسْجِدَ ٱلْحَرَامَ } [التوبة: 28]. وقيل: اهدنا الصراط المستقيم لنستعين بهدايتك على الشيطان، فإنه قال:{ لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ ٱلْمُسْتَقِيمَ } [الأعراف: 16]. وقيل: اهدنا الصراط المستقيم وهو الافتقار إليك، كما قيل لأبى حفص النيسابورى رحمه الله: فإذاً تقدم على ربك، قال: وما للفقير أن يقدم به على الغنى سوى فقره. وقال سهل بن عبد الله: أرشدنا بمعونتك الطريق إليك. قيل أليس قد هداه الصراط المستقيم حتى صلى وسأل فقال: إنما سأل الله زيادة هدى، كما قال الله تعالى:{ وَٱلَّذِينَ ٱهْتَدَوْاْ زَادَهُمْ هُدًى } [محمد: 17] بسؤالهم اهدنا الصراط المستقيم. وقال الجنيد: إن القوم إنما سألوا الهداية من الحيرة التي قدرت عليهم من أسماء صفات الأزلية، فسألوا الهداية إلى أوصاف العبودية ليلاً؛ ليستغرقوا في رؤية صفات الأزلية.