الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن/ التستري (ت 283 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱللَّهُ يَتَوَفَّى ٱلأَنفُسَ حِينَ مَوْتِـهَا وَٱلَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِـهَا فَيُمْسِكُ ٱلَّتِي قَضَىٰ عَلَيْهَا ٱلْمَوْتَ وَيُرْسِلُ ٱلأُخْرَىٰ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }

قوله: { ٱللَّهُ يَتَوَفَّى ٱلأَنفُسَ حِينَ مِوْتِـهَا وَٱلَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِـهَا } [42] قال: إذا توفى الله الأنفس أخرج الروح النوري من لطيف نفس الطبع الكثيف. والتوفي في كتاب الله على ثلاثة أوجه: أحدها الموت، والآخر النوم، والثالث الرفع. فالموت ما ذكرنا، والنوم قوله: { وَٱلَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِـهَا } [42] يعني يتوفى التي لم تمت في منامها، وقال:وَهُوَ ٱلَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِٱللَّيْلِ } [الأنعام:60] يعني النوم، والرفع بعيسى عليه السلام:إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ } [آل عمران:55] فإنه إذا مات فينزع عنه لطيف نفس الروح النوري من لطيف نفس الطبع الكثيف الذي به يعقل الأشياء ويرى الرؤيا في الملكوت، وإذا نام نزع عنه لطيف نفس الطبع الكثيف لا لطيف نفس الروح النوري، فيستفيق النائم نفساً لطيفاً، وهو من لطيف نفس الروح الذي إذا زايله لم تكن له حركة، وكان ميتاً. ولنفس طبع الكثيف لطيفة، ولنفس الروح لطيفة، فحياة لطيف نفس الطبع بنور لطيف نفس الروح، وحياة روح لطيف نفس الروح بالذكر، كما قال:أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ } [آل عمران:169] أي يرزقون الذكر بما نالوا من لطيف نفس النوري، وحياة الطبع الكثيف بالأكل والشرب والتمتع، فمن لم يحسن الإصلاح بين هذين الضدين، أعني نفس الطبع ونفس الروح حتى يكون عيشهما جميعاً بالذكر والسعي بالذكر، فليس بعارف في الحقيقة. وقال عمر بن واصل: وكان المبرد النحوي يقول: الروح والنفس شيئان متصلان لا يقوم أحدهما بدون الآخر. قال: فذكرت ذلك لسهل، فقال: أخطأ، إن الروح يقوم بلطفه في ذاته بغير نفس الطبع الكثيف، ألا ترى أن الله تعالى خاطب الكل من الذر بنفس روح وفهم عقل وفطنة قلب وعلم لطيف بلا حضور طبع كثيف.