الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن/ التستري (ت 283 هـ) مصنف و مدقق


{ وَآمِنُواْ بِمَآ أَنزَلْتُ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُمْ وَلاَ تَكُونُوۤاْ أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَٰتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَإِيَّٰيَ فَٱتَّقُونِ }

فقيل له: ما معنى قوله: { وَإِيَّايَ فَٱتَّقُونِ } [41] قال: أراد بذلك موضع علمه السابق فيهم، أي لا تأمنوا المكر والاستدراج، فتسكن قلوبكم إلى ملاحظة سلامتكم في الدنيا مع الإقامة على التقصير، وإلى حلمي عنكم في المعاجلة لكم في نفس أمنكم واغتراركم وغفلتكم فتهلكوا. وقال النبي صلى الله عليه وسلم " لو زاد في اليقين عيسى بن مريم لمشى على الهواء كما مشى على الماء " ، وقد مشى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء على الهواء لقوة نور يقينه التي أعطاه الله تعالى من نوره زيادة نور إلى نور كان من الله تعالى. وقوله صلى الله عليه وسلم: " لو ثبتت المعرفة على قلب داود صلوات الله عليه ولم يغفل ما عصى " فلعمري أن المعرفة أدرجت في أوطانها لتجري عليه ما كان من علم الله سابقاً فيه، فلا بد من إظهاره على أوصافه إذا كان على حتم لا يتغير العلم إلى غير ما علم العالم جل وعز، فإنما ستر الله عزَّ وجلَّ في أوطان داود صلوات الله عليه نور اليقين الذي به يبصر عين اليقين وكليته، ليتم حكم الله تعالى فيه، ألا ترى أن العبد إنما ينظر إلى الحق بسبب لطيفة من الحق بوصولها إلى قلبه هي من أوصاف ذات ربه ليست بمكونة ولا مخلوقة ولا موصولة ولا مقطوعة، وهي سر من سر إلى سر وغيب من غيب إلى غيب، فبالله اليقين، والعبد موقن بسبب منه إليه على قدر ما قسم الله له من الموهبة وجملة سويداء قلبه. وللإيمان وطنان، وهو ما سكن فلم يخرج، ونور اليقين خطرات، فإذا سكن واستقر صار إيماناً، واليقين خطرات بعده، فهو في المريد هكذا حاله أبداً.