الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن/ التستري (ت 283 هـ) مصنف و مدقق


{ لِلْفُقَرَآءِ ٱلَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي ٱلأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ ٱلْجَاهِلُ أَغْنِيَآءَ مِنَ ٱلتَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ ٱلنَّاسَ إِلْحَافاً وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ }

وسئل عن قوله: { لِلْفُقَرَآءِ ٱلَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } [273] وعن الفرق بينهم وبين المساكين. فقال: الله تعالى وصف الفقير بصفة العدم من حال سؤال الافتقار واللجأ إليه، ووصفهم بالرضا والقنوع، فقال تعالى: { لاَ يَسْأَلُونَ ٱلنَّاسَ إِلْحَافاً } [273] وهم أصحاب صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم نحو من أربعين رجلاً، ليست لهم في المدينة مساكن ولا عشائر، فهذه أحوال أقوام مدحهم الله تعالى لشدة الافتقار إليه، لا استطاعة لهم ولا قوة إلا به ومنه، هو حولهم وقوتهم، نزع عنهم قوة سكون قلوبهم إلى غيره، وهو وسوسة النفس إلى شيء دون الله تعالى، فهم بهذا الوصف أعلى حالاً، فمن ردّه الله تعالى إلى مساكنة نفسه فقال:لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي ٱلْبَحْرِ } [الكهف:79] فردهم إلى حالتهم التي قد سكنوا إليها. وأما الفقير الذي سلمه الفقر إلى الله تعالى إن حركته في موت نفسه فهو أحسن حالاً من الذي سكن إلى حال له لمتابعة نفسه. قال عمر بن واصل: وإذا كان الفقير إلى الله عزَّ وجلَّ الراضي لا يسكن إلا بالرضا والتسليم، فقد كمل له الاسمان جميعاً الفقر والمسكنة. قال أبو بكر سمعت سهلاً يقول الفقير الفقير العاجز، وهو الفقر بلبلبة القلب إلى الله عزَّ وجلَّ، والسكون إِليه بالطاعة والمسكنة ذل، وهي المعصية لله. قال: وحكى الحسن عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لما أنزلت هذه الآية: " صانعوا الفقراء ليوم ملكهم. فقيل: يا رسول الله ومتى ملكهم؟ قال: يوم القيامة "