الرئيسية - التفاسير


* تفسير حاشية الصاوي / تفسير الجلالين (ت1241هـ) مصنف و لم يتم تدقيقه بعد


{ تَنَزَّلُ ٱلْمَلاَئِكَةُ وَٱلرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ } * { سَلاَمٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ ٱلْفَجْرِ }

قوله: { تَنَزَّلُ ٱلْمَلاَئِكَةُ } أصله تتنزل بتاءين، حذفت إحداهما تخفيفاً كما قال المفسر، على حد قول ابن مالك:
وما بتاءين ابتدى قد يقتصر   فيه على تاء كتبين العبر
والتاء في ملائكة لتأنيث الجمع، وإذا حذفت امتنع صرفه لصيغة منتهى الجموع، وبه يلغز فيقال؛ كلمة إذا حذفت من آخرها حرف امتنع صرفها، جمع ملك وأصله ملأك ووزنه فعال، فالهمزة زائدة، ومادته تدل على الملك والقوة والسلطنة، وقيل: وزنه مفعل فالميم زائدة، وقيل: هو مقلوب وأصله ملك من الألوكة وهي الرسالة، قلب قلباً مكانياً فصار ملأك، وفي وزنه قولان المتقدمان، وعلى كل فيقال: سقطت الهمزة فصار ملك، والملائكة أجسام نورانية، لا يوصوفون بذكورة ولا بأنوثة، لهم قدرة على التشكيلات بالصورة الغير الخسيسة، لا يعصون الله ما أمرهم، ويفعلون ما يؤمرون، وعبر بـ { تَنَزَّلُ } إشارة إلى أنهم ينزلون طائفة بعد طائفة، فينزل فوج ويصعد فوج، وروي أنه إذا كان ليلة القدر، تنزل الملائكة وهم سكان سدرة المنتهى، وجبريل عليه السلام ومعه أربعة ألوية، فينصب لواء على قبر النبي صلى الله عليه وسلم، ولواء على ظهر بيت المقدس، ولواء على ظهر المسجد الحرام، ولواء على ظهر طور سيناء، ولا يدع بيتاً فيه مؤمن أو مؤمنة إلا دخله وسلم عليه ويقول: يا مؤمن أو يا مؤمنة، السلام يقرئكم السلام إلا على مدمن خمر، وقاطع رحم، وآكل لحم الخنزير. وعن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إذا كان ليلة القدر، نزل جبريل في كبكبة من الملائكة، يصلون ويسلمون على كل عبد قائم أو قاعد يذكر الله تعالى ". وروي أن الملائكة في تلك الليلة، أكثر من عدد الحصى.

قوله: { وَٱلرُّوحُ } إما مرفوع بالابتداء والجار بعد خبره، أو بالفاعلية عطفاً على { ٱلْمَلاَئِكَةُ } قوله: (جبريل) هذا أحد أقوال في تفسير الروح، وعليه فعطف الروح على الملائكة عطف على خاص لشرفه، وقيل: الروح نوع مخصوص منهم، وقيل: خلق آخر غير الملائكة، وقيل: أرواح بني آدم، وقيل: عيسى مع الملائكة، وقيل: ملك عظيم الخلقة تحت العرش، ورجلاه في تخوم الأرض السابعة، وله ألف رأس، كل رأس أعظم من الدنيا، وفي كل رأس ألف وجه، وفي وجه ألم فم، وفي كل فم ألف لسان، يسبح الله تعالى بكل لسان ألف نوع من التسبيح والتحميد والتمجيد، ولكل لسان لغة لا تشبه لغة الآخر، فإذا فتح أفواهه بالتسبيح، خرت ملائكة السماوات السبع سجداً مخافة أن يحرقهم نور أفواهه، وإنما يسبح الله غدوة وعشية، فينزل في ليلة القدر لشرفها وعلو شأنها، فيستغفر للصائمين والصائمات من أمة محمد صلى الله عليه وسلم بتلك الأفواه كلها إلى طلوع الفجر.

السابقالتالي
2 3