الرئيسية - التفاسير


* تفسير حاشية الصاوي / تفسير الجلالين (ت1241هـ) مصنف و لم يتم تدقيقه بعد


{ إِنَّ عِدَّةَ ٱلشُّهُورِ عِندَ ٱللَّهِ ٱثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ ٱللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ مِنْهَآ أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذٰلِكَ ٱلدِّينُ ٱلْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُواْ ٱلْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلْمُتَّقِينَ }

قوله: { إِنَّ عِدَّةَ ٱلشُّهُورِ } إلخ المقصود من ذلك الرد على الجاهلية، حيث يزيدون في الأشهر، بحسب أهوائهم الفاسد، فراراً من القتال في الأشهر الحرام، فإنهم كانوا يعظمون الأشهر الحرم، فلا يقاتلون فيها، فكانوا إذا اضطروا للقتال فيها، ادعوا أنه لم تأت وقاتلوا فيها، فربما جعلوا السنة أربعة عشر شهراً أو أزيد بحسب ما تسوله عقولهم الفاسدة. قوله: { عِندَ ٱللَّهِ } ظرف متعلق بمحذوف صفة للشهور.

قوله: { ٱثْنَا عَشَرَ شَهْراً } وهذه شهور السنة القمرية العربية التي يعتد بها المسلمون في عباداتهم كالصيام والحج وسائر أمورهم، وأيام هذه الشهور ثلثمائة وخمسة وخمسون يوماً، والسنة الشمسية وتسمى القبطية، وهي عبار عن دور الشمس في الفلك دورة تامة، وهي ثلثمائة وخمسة وستون يوماً وربع، فتنقص السنة الهلالية عن السنة الشمسية، إما عشرة أيام، أو أحد عشر يوماً، خمسة أيام نقص الشهور العربية، وخمسة أيام النسيء إن كانت السنة بسيطة، وستة أيام إن كانت السنة كبيسة، فكل أربع سنين تأتي فيها سنة كبيسة، فبسبب هذا النقصان تدور السنة الهلالية، فيقع الصور والحج تارة في الشتاء وتارة في الصيف. قوله: { فِي كِتَابِ ٱللَّهِ } صفة لأثنا عشر. قوله: (محرمة) أي معظمة محترمة تتضاعف فيها الطاعات. قوله: (ذو القعدة) بفتح القاف وكسرها، والفتح أفصح عكس الحجة. قوله: (بالمعاصي) أي فظلم النفس يكون بمخالفة الله، لأنه بسبب ذلك تعرض لغضب الله الموجب لدخول النار. قوله: (فإنها فيها أعظم وزراً) أي أشد إثماً منه في غيرها.

قوله: { وَقَاتِلُواْ ٱلْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً } هذه الآية ناسخة لآية البقرة المفيدة حرمة القتال في الأشهر الحرم، قال تعالى:يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلشَّهْرِ ٱلْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ } [البقرة: 217] الآية، وقوله: { كَآفَّةً } مصدر في موضع الحال من فاعل { وَقَاتِلُواْ } أو من { ٱلْمُشْرِكِينَ } ولا يثنى ولا تجمع ولا تدخل عليه أل ولا يتصرف فيه بغير الحال. قوله: (بالعون والنصر) أي فمعيته مع المتقين زائدة على معيته مع الخلق أجمعين، المشار إليها بقوله تعالى:وَلاَ أَدْنَىٰ مِن ذَلِكَ وَلاَ أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُواْ } [المجادلة: 7] لأنها معية تصريف وتدبير، وذلك لا يختص بالإنسان، بل مع كل مخلوق حيواناً وجماداً.