الرئيسية - التفاسير


* تفسير حاشية الصاوي / تفسير الجلالين (ت1241هـ) مصنف و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَعَلَى ٱلثَّلاَثَةِ ٱلَّذِينَ خُلِّفُواْ حَتَّىٰ إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ ٱلأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّوۤاْ أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ ٱللَّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ } * { يَـٰأيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَكُونُواْ مَعَ ٱلصَّادِقِينَ }

قوله: { وَعَلَى ٱلثَّلاَثَةِ } إشارة إلى معطوف على قوله:عَلَىٰ ٱلنَّبِيِّ } [التوبة: 117] ويصح عطفه على الضمير في قوله: { ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ } وهو الأقرب لإعادة الجار. قال ابن مالك:

وعود خافض لدى عطف على   ضمير خفض لازماً قد جعلا
وإن كان يكمن أن يقال، إنما أعاده تأكيداً. قوله: { وَعَلَى ٱلثَّلاَثَةِ } إنما لم يسمهم الله، لكونهم معلومين بين الصحابة، والتوبة هنا على حقيقتها، بمعنى أنه قبل عذرهم وسامحهم، وغفر لهم ما سلف منهم، وأما التوبة فيما تقدم، فمستعملة في مجازها بمعنى دوام العصمة للنبي. والحفظ للمهاجرين والأنصار، ففي القبول من الله، عدم إظهار توبتهم، كما فعل أبو لبابة، وقيل: المراد خلفوا عن الغزو، ولم يخرجوا مع رسول الله، وفي صحيح البخاري ما نصه:

باب حديث كعب بن مالك وقول الله عز وجل { وَعَلَى ٱلثَّلاَثَةِ ٱلَّذِينَ خُلِّفُواْ }

حدثنا يحيى بن بكير، حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب ابن مالك أن عبد الله بن كعب بن مالك، وكان يقود كعباً حين عمي قال: سمعت كعب بن مالك يحدث حين تخلف عن قصة تبوك، قال كعب: لم أتخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة غزاها إلا في غزوة تبوك، وكان من خبري، أني لم أكن قط أقوى ولا أيسر مني حين تخلفت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في تلك الغزوة، وغزا رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الغزوة، حين طابت الثمار والظلال، وهممت أن ارتحل فأدركهم وليتني فعلت، فلم يقدر لي ذلك، ولم يذكرني رسول الله حتى بلغ تبوك فقال وهو جالس في القوم بتبوك: ما فعل كعب بن مالك؟ فقال رجل من بني سلمة: يا رسول الله، حبسه براده ونظره في عطفيه، فقال معاذ بن جبل: بئس ما قلت، والله يا رسول الله ما علمنا عليه إلا خيراً، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال كعب بن مالك، فلما بلغني أنه توجه قافلاً، حضرني همي، فطفقت أتذكر الكذب وأهيئه لأعتذر به وأقول بماذا أخرج من سخطه غداً، واستعنت على ذلك بكل ذي رأي من أهلي، فلما قيل: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أظل قادماً، أي قرب قدومه، انزاح عني الباطل، وعرفت أني لن أخرج منه أبداً بشيء فيه كذب، فأجمعت الصدق، وأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم قادماً، وكان إذا قدم من سفر، بدأ بالمسجد، فيركع فيه ركعتين، ثم جلس للناس، فلما فعل ذلك، جاءه المخلفون فطفقوا يعتذرون إليه ويحلفون له، وكانوا بضعة وثمانين رجلاً، فقبل رسول الله منهم علانيتهم، وبايعهم واستغفر لهم، ووكل سرائرهم إلى الله، فجئته، فلما سلمت عليه، تبسم تبسم المغضب ثم قال: تعالى فجئت أمشي حتى جلست بين يديه، فقال لي: ما خلفك ألم تكن قد ابتعت مركوبك؟ فقلت: بل إني والله يا رسول الله، لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا، لرأيت أني سأخرج من سخطه بعذر، ولقد أعطيت جدلاً، أي فصاحة، ولكني والله لقد علمت لئن حدثتك اليوم حديث كذب ترضى به عني، ليوشكن الله أن يسخطك علي، ولئن حدثتك حديث صدق تجد، أي تغضب علي فيه، إني لأرجو فيه عفو الله لا والله ما كان لي عذر، ما كنت قط أقوى ولا أيسر مني حين تخلفت عنك.

السابقالتالي
2 3